المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1449 (7) باب

ركوع من دخل والإمام يخطب ، والتعليم في حالة الخطبة

[ 744 ] عن جابر بن عبد الله ، قال : جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، فجلس ، فقال : يا سليك ! قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما ، ثم قال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما .

رواه أحمد (3 \ 317)، والبخاري (930)، ومسلم (875) (59)، وأبو داود (1115)، والترمذي (510)، والنسائي (3 \ 103)، وابن ماجه (1112) .


[ ص: 513 ] (7) ومن باب : ركوع من دخل والإمام يخطب

قوله - صلى الله عليه وسلم - لسليك : قم فاركع ركعتين ، وقوله : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما : اختلف العلماء في العمل بهذا الحديث ; فذهب الشافعي وأحمد وإسحاق والحسن وأبو ثور وفقهاء أصحاب الحديث إلى العمل بظاهره ، وهو أن الداخل في حال خطبة الإمام يركع ركعتين . وقال الأوزاعي : إنما يركعهما من لم يركعهما في بيته ، وذهب مالك والليث وأبو حنيفة والثوري وأصحابهما وجمهور من الصحابة والتابعين ; إلى أنه لا يركع ، وهو مروي عن عمر وعثمان وعلي ، واحتج لهم بقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخطى رقاب الناس في حال الخطبة : اجلس فقد آذيت ، وبأمره - صلى الله عليه وسلم - بالإقبال على الخطبة والإصغاء لها ، والصلاة في ذلك الوقت [ ص: 514 ] تصرف عن ذلك ، وبالعمل المنقول المستفيض بالمدينة على أنهم كانوا لا يركعون في تلك الحال ، ولذلك قال ابن شهاب : خروج الإمام يقطع الصلاة ، وكلامه يقطع الكلام .

وقد تأول أصحابنا حديث جابر تأويلات في بعضها بعد ، وأولى معتمد المالكية في ترك العمل به أنه خبر واحد عارضه عمل أهل المدينة خلفا عن سلف ، من لدن الصحابة - رضي الله عنهم - إلى زمان مالك - رحمه الله تعالى ، فيكون العمل بهذا العمل أولى ، وهذا أصل مالك - رحمه الله تعالى - ، وأما أبو حنيفة فترك العمل به على أصله أيضا في رد أخبار الآحاد فيما تعم به البلوى . والله أعلم . وذهب بعض المتأخرين من أصحاب الحديث إلى الجمع بين الأمرين ، فخير الداخل بين الركوع وتركه ، وهو قول من تعارض عنده الخبر والعمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية