المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1432 (10) باب

التغليظ في ترك الجمعة

[ 751 م 1 ] - عن عبد الله بن عمر ، وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على أعواد منبره : لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ، أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونن من الغافلين .

رواه أحمد (1 \ 239 و 254 و 2 \ 84)، ومسلم (865)، والنسائي (3 \ 188 و 189)، وابن ماجه (794) .


[ ص: 521 ] (10) ومن باب : التغليظ في ترك الجمعة

قوله : لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ; أي : تركهم . قال شمر : زعمت النحوية : أن العرب أماتوا مصدره وماضيه ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أفصح . قلت : وقد قرأ ابن أبي عبلة : ( ما ودعك ربك وما قلى ) مخففا ; أي : ما تركك ، والأكثر في الكلام ما ذكره شمر عن النحويين .

وقوله : أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونن من الغافلين : حجة واضحة في وجوب الجمعة وفرضيتها . والختم : الطبع ، وأصله من : ختمت الكتاب ; إذا طبعته بطابعه ، وهو في الحقيقة عبارة عما يخلقه الله تعالى في قلوبهم من الجهل والجفاء والقسوة ، وهذا مذهب أهل السنة ، وقال غيرهم من أهل الأهواء : هو الشهادة عليهم بما فيها ، وقيل عن بعضهم : هو علم جعله الله في قلوبهم لتعرف الملائكة فرق ما بين من يجب مدحه ممن يجب ذمه . وجمهور الأئمة على أنها فرض من فروض الأعيان . وروي عن بعض الشافعية : أنها من فروض الكفاية . وقد نقل عن مالك من لم يحقق أنها سنة ، وتوهم على مالك أنه يقول : إنها من قبيل المندوب المتأكد ، وليس بصحيح من مذهبه ، ولا مذاهب [ ص: 522 ] أصحابه ، لكن روى ابن وهب عنه لفظا غلط في تأويله بعض المتأولين ، وذلك : أن ابن وهب روى عن مالك في القرى المتصلة البيوت وفيها جماعة من المسلمين ، قال : وينبغي لهم أن يجمعوا ، إذا كان إمامهم يأمرهم أن يجمعوا فليؤمروا رجلا فيجمع بهم ; لأن الجمعة سنة ، هذا نص كلامه ، وظاهره : أن التجميع على هذه الحالة من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; أي : من طريقته التي كان يسلكها . والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية