المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1531 [ 792 ] وعن أسامة بن زيد قال : كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه ، وتخبره أن صبيا لها ، أو ابنا لها في الموت ، فقال للرسول : ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فمرها فلتصبر ولتحتسب ، فعاد الرسول فقال : إنها قد أقسمت لتأتينها . قال : فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام معه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل ، وانطلقت معهم ، فرفع إليه الصبي ، ونفسه تقعقع كأنها في شنة ، ففاضت عيناه ، فقال له سعد ، ما هذا يا رسول الله ؟ فقال : هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .

رواه البخاري (1284) ، ومسلم (923) ، والنسائي (4 \ 22) .


وقوله : ونفسه تقعقع كأنها في شنة . قال الهروي : يقال : تقعقع الشيء : إذا اضطرب وتحرك ، ويقال : إنه ليتقعقع لحياه من الكبر . قال غيره : القعقعة هنا : صوت النفس وحشرجة الصدر ، ومنه : قعقعة الجلود ، والترسة والأسلحة ، وهي : أصواتها . والشنة : القربة البالية ، فكأنه شبه صوت نفسه وقلقلته في صدره بصوت ما [ ألقي ] في القربة [ البالية ] اليابسة من الماء إذا حرك فيها . ومن أمثالهم : لا يقعقع له بالشنان ; أي : لا يقرع بقرعه ، كما يفعل بالصبي .

وقوله : هذه رحمة ; أي : رقة يجدها الإنسان في قلبه ، تبعثه على البكاء من خشية الله ، وعلى أفعال البر والخير ، وعلى الشفقة على المبتلى والمصاب ، ومن كان كذلك ; جازاه الله برحمته ، وهو المعني بقوله - صلى الله عليه وسلم - : إنما يرحم الله من [ ص: 576 ] عباده الرحماء ، وضد ذلك القسوة في القلوب الباعثة على الإعراض عن الله - تعالى - ، وعن أفعال الخير . ومن كان كذلك ، قيل فيه : فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله [ الزمر :22 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية