المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1591 [ 827 ] وعن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اتبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع .

رواه أحمد (3 \ 38) ، ومسلم (959) (76) .


[ ص: 619 ] (14) ومن باب : الأمر بالقيام إلى الجنازة

قوله " إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع " ، قلت : هذا الأمر إنما كان متوجها لمن لم يكن متبعا للجنازة ، بدليل ما جاء في حديث أبي سعيد : إذا رأيتم الجنازة فقوموا ، فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع . وقد جاء من حديث علي أنه قال : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للجنازة ثم قعد .

واختلف العلماء بسبب هذه الأحاديث على ثلاثة أقوال ;

أولها : الأمر بالقيام مطلقا لمن مرت به ولمن تبعها ، وهو قول جماعة من السلف والصحابة أخذا بالأحاديث المتقدمة ، وكأن هؤلاء لم يبلغهم الناسخ أو لم يروا ترك قيامه ناسخا .

وثانيها : لا يقوم لها أحد لا مرورا به ولا متبعا ، وكأن هؤلاء رأوا أن ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - القيام ناسخ لمطلق القيام ، وهو قول قوم من أهل العلم ، وروي عن أحمد وإسحاق وابن الماجشون من أصحابنا أن ذلك على التوسعة والتخيير .

وثالثها : أن القيام منسوخ في حق من مرت به ، وهو قول مالك [ ص: 620 ] والشافعي وأبي حنيفة . وقال أحمد وإسحاق ومحمد بن الحسن والأوزاعي فمن اتبعها لا يجلس حتى توضع ، وأما من مرت به فلا يلزمه القيام .

وقد اختلف أيضا في القيام على القبر حتى يقبر ; فكرهه قوم ، وعمل به آخرون . وروي ذلك عن علي وعثمان وابن عمر ، وقد تقدم في كتاب الإيمان قول عمرو بن العاص : وأقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها ; أي : تثبتوا وتربصوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية