المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1609 [ 834 ] وعن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ألا أدع تمثالا إلا طمسته ، ولا قبرا مشرفا إلا سويته .

وفي رواية : ولا صورة إلا طمستها .

رواه أحمد (1 \ 96 و 129) ، ومسلم (969) ، وأبو داود (3219) ، والترمذي (1049) ، والنسائي (4 \ 88- 89) .


والتمثال : مثال صورة ما فيه روح ، وهو يعم ما كان متجسدا وما كان مصورا في رقم أو نقش ، لا سيما وقد روي " صورة " مكان " تمثال " ، وقيل : إن المراد به هنا ما كان له شخص وجسد دون ما كان في ثوب أو حائط منقوشا ، وسيأتي الكلام عليهما .

وحاصل هذا الحديث الأمر بتغيير الصور مطلقا ، وأن إبقاءها كذلك منكر ، وطمسها : تغييرها ، وذلك يكون بقطع رؤوسها وتغيير وجوهها وغير ذلك مما يذهبها .

وقوله " ولا قبرا مشرفا إلا سويته " ظاهره منع تسنيم القبور ورفعها ، وأن تكون لاطية ، وقد قال به بعض أهل العلم . وذهب الجمهور إلى أن هذا [ ص: 626 ] الارتفاع المأمور بإزالته ليس هو التسنيم ولا ما يعرف به القبر كي يحترم ، وإنما هو الارتفاع الكثير الذي كانت الجاهلية تفعله ; فإنها كانت تعلي عليها وتبني فوقها تفخيما لها وتعظيما ، وأما تسنيمها فذلك صفة قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبر أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - على ما ذكر في الموطأ ، وقد جاء عن عمر أنه هدمها وقال : ينبغي أن تسوى تسوية تسنيم . وهذا معنى قول الشافعي : تسطح القبور ولا تبنى ولا ترفع ، وتكون على وجه الأرض ، وتسنيمها اختيار أكثر العلماء وجملة أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة والشافعي .

قلت : والذي صار إليه عمر أولى ، فإنه جمع بين التسوية والتسنيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية