المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1623 (19) باب زيارة القبور والتسليم عليها ، والدعاء والاستغفار للموتى

[ 840 ] عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا .

رواه أحمد (5 \ 350) ، ومسلم (977) ، والنسائي (8 \ 310 - 311) .


(19) ومن باب : زيارة القبور

قوله " فزوروها " نص في النسخ للمنع المتقدم ، لكن اختلف العلماء هل هذا النسخ عام للرجال وللنساء أم هو خاص للرجال دون النساء ؟ والأول أظهر ، وقد دل على صحة ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - قد رأى امرأة تبكي عند قبر فلم ينكر عليها الزيارة ، وإنما أنكر عليها البكاء كما تقدم .

[ ص: 633 ] وقوله في الحديث الآتي " زوروا القبور فإنها تذكر الموت " ، وتذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء ، على أن أصح ما في نهي النساء عن زيارة القبور ما خرجه الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن زوارات القبور ، صححه الترمذي ، على أن في إسناده عمر بن أبي سلمة وهو ضعيف عندهم . ثم إن هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة ; لأن " زوارات " للمبالغة ، ويمكن أن يقال : إن النساء إنما يمنعن من إكثار الزيارة لما يؤدي إليه الإكثار من تضييع حقوق الزوج والتبرج والشهرة والتشبه بمن يلازم القبور لتعظيمها ، ولما يخاف عليها من الصراخ وغير ذلك من المفاسد ، وعلى هذا يفرق بين الزائرات والزوارات .

والصحيح نسخ المنع عن الرجال والنساء كما تقدم ، والله تعالى أعلم .

وسيأتي القول على نسخ منع ادخار لحوم الأضاحي ، ومنع الانتباذ في الحنتم والدباء والمزفت في بابهما .

وقد زاد مالك في هذا الحديث " لا تقولوا هجرا " ، وهو الفحش من القول كالنوح والترنم به وغير ذلك ، وبكاؤه - صلى الله عليه وسلم - على قبر أمه إنما كان لما فاتها من أيامه ومن الإيمان به .

التالي السابق


الخدمات العلمية