المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4843 [ 846 ] وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدعو به من قبل أن يأتيه ، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله ، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا .

رواه أحمد (2 \ 309) ، والبخاري (5376) ، ومسلم (2682) ، والترمذي (2403) ، والنسائي (4 \ 32) .


(21) ومن باب : النهي عن تمني الموت لضر نزل به

قوله صلى الله عليه وسلم " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به " ، إنما نهي عن تمني الموت لأجل الضر ; لأن ذلك دليل على الضجر والتسخط بالمقدور وعدم الصبر والرضا ، هذا مقصود هذا الحديث ، وأما حديث أبي هريرة ففيه النهي عن تمني الموت مطلقا لضر ولغير ضر ، ألا ترى أنه علل النهي بانقطاع العمر ؟ فهذان الحديثان يفيدان مقصودين مختلفين لا يحمل أحدهما على الآخر .

وقوله " فإن كان لا بد متمنيا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي " ، في هذا الحديث دليل على استعمال التفويض وسؤال الخيرة ، حتى فيما لا بد منه وهو الموت ، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمهم السورة من القرآن ، فإذا تمنى الموت وجزم به كان قد اختار لنفسه [ ص: 643 ] ما لعله ينقطع عنه به خير ، كما قال صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرا . وقد فسر هذا الخير البخاري فزاد في هذا الحديث فقال : لا يتمنى أحدكم الموت ، إما محسنا فلعله يزداد حسنا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب . والاستعتاب : طلب العتبى ، وهو الرضا ، وذلك لا يحصل إلا بالتوبة والرجوع عن الذنوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية