المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1707 [ 895 ] وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من أصبح منكم اليوم صائما ؟) .

قال أبو بكر : أنا ،
قال : (فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟) قال أبو بكر : أنا ، قال : (فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟) قال أبو بكر : أنا . قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟ قال أبو بكر : أنا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة) .


رواه مسلم (1028) .


[ ص: 70 ] (17) ومن باب: أجر من أنفق شيئين في سبيل الله

قوله : ( من أنفق زوجين في سبيل الله ) ، هكذا وقع في هذا اللفظ في كتاب مسلم . ووقع في البخاري : (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله) .

[ ص: 71 ] وهذا نص في عموم كل شيء يخرج في سبيل الله . وقيل : يصح إلحاق جميع أعمال البر بالإنفاق . ويدل على صحة هذا بقية الحديث ; إذ قال فيه : ( من كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام ) .

" والزوج " : الصنف ، وكذلك قيل في قوله تعالى : وكنتم أزواجا ثلاثة قال ابن عرفة : كل شيء قرن بصاحبه فهو زوج . ويقال : زوجت الإبل : إذا قرنت واحدا بواحد . زاد الهروي في هذا الحديث : قيل : وما زوجان ؟ قال : " فرسان ، أو عبدان ، أو بعيران " .

و" الريان " : فعلان من الري على جهة المبالغة ، وسمي بذلك على جهة مقابلة العطشان ; لأنه جوزي على عطشه بالري الدائم في الجنة ، التي يدخل إليها من ذلك الباب .

وقوله : ( فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ) ; أي : من المكثرين لصلاة التطوع ، وكذلك غيرها من أعمال البر المذكورة في هذا الحديث ; لأن الواجبات لا بد منها لجميع المسلمين ، ومن ترك شيئا من الواجبات إنما يخاف عليه أن ينادى من أبواب جهنم ، فيستوي في القيام بها المسلمون كلهم ، وإنما يتفاضلون بكثرة التطوعات التي بها تحصل تلك الأهلية التي بها ينادون من [ ص: 72 ] تلك الأبواب .

ولما فهم أبو بكر رضي الله عنه هذا المعنى قال : فهل يدعى أحد من تلك الأبواب ؟ أي : هل يحصل لأحد من أهل الإكثار من تطوعات البر المختلفة ما يتأهل به لأن يدعوه خزنة الجنة من كل باب من أبوابها ؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : (نعم ، أنت منهم) ، فإنه رضي الله عنه كان قد جمع خصال تلك الأبواب كلها ، ألا ترى أنه قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآتي بعد هذا : (هل فيكم من أطعم اليوم مسكينا ؟) فقال أبو بكر : أنا ، [قال : (هل فيكم من عاد مريضا ؟) فقال أبو بكر : أنا ] . وقد تقدم الكلام على بعض نكت هذا الحديث .

وذكر مسلم في هذا الحديث من أبواب الجنة أربعة ، وزاد غيره بقية الثمانية ، فذكر فيها : باب التوبة ، وباب : الكاظمين الغيظ ، وباب : الراضين ، والباب الأيمن الذي يدخل منه من لا حساب عليه ، حكاه القاضي أبو الفضل .

التالي السابق


الخدمات العلمية