المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1714 (19) باب

أي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

[ 900 ] عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله : أي الصدقة أعظم أجرا ؟ فقال : (أما وأبيك لتنبأنه : أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء ، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت : . . . . . . . . . لفلان كذا ، ولفلان كذا ، وقد كان لفلان) .

وفي رواية : (ألا وقد كان لفلان) .


رواه أحمد (2 \ 25 و 231 )، والبخاري (1419)، ومسلم (1032)، وأبو داود (2865)، والنسائي (5 \ 86)، وابن ماجه (2706) .


[ ص: 78 ] (19) ومن باب: أي الصدقة أعظم

قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أما وأبيك لتنبأنه ) ، أما : استفتاح للكلام ، " وأبيك " قسم ومقسم به . وتقدم الكلام على القسم بالأب في كتاب الإيمان . والمقسم عليه : " لتنبأنه ; أي : لتخبرن به حتى تعلمه .

والشح : المنع مطلقا ، يعم منع المال وغيره . وهو من أوصاف النفس المذمومة ; ولذلك قال الله : ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والبخل : بالمال ، فكأنه نوع من الشح . قال معناه الخطابي . وقد دل على صحة هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - : (إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم ، أمرهم بالبخل فبخلوا ، وأمرهم بالفجور ففجروا ، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا) ; أي : شح النفس ، وهو منعها من القيام بالحقوق المالية وغيرها .

وقوله : ( حتى إذا بلغت الحلقوم ) ; أي : النفس ، ولم يجر لها ذكر ، لكن دل عليها الحال ، كما قال تعالى : فلولا إذا بلغت الحلقوم ومعناه : قاربت الحلقوم ، فلو بلغته لم تأت منه وصية ولا غيرها . والحلقوم " : الحلق .

[ ص: 79 ] وقوله : ( لفلان كذا ، ولفلان كذا ، ألا وقد كان لفلان ) ، قال الخطابي : مراد به الوارث .

قلت : وفيه بعد ، بل الأظهر أنه الموصى له ، ممن تقدمت وصيته له على تلك الحالة ، ومن ينشئ له الوصية في تلك الحالة أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية