المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1790 [ 946 ] وعن أبي هريرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتي بطعام سأل عنه ، فإن كان هدية أكل منها ، وإن قيل : صدقة لم يأكل منها .

رواه أحمد (2 \ 492)، ومسلم (1077) .


(29) ومن باب: الصدقة إذا بلغت محلها

قوله : ( قربيها فقد بلغت محلها ) ; يعني : أن المتصدق عليها قد ملكت تلك [ ص: 130 ] الصدقة بوجه صحيح جائز ، فقد صارت كسائر ما تملكه بغير جهة الصدقة ، وإذا كان كذلك ، فمن تناول ذلك الشيء المتصدق به من يد المتصدق عليه بجهة جائزة غير الصدقة جاز له ذلك ، وخرج ذلك الشيء عن كونه صدقة بالنسبة إلى الآخذ من يد المتصدق عليه ، وإن كان ممن لا تحل له الصدقة في الأصل ، ويخرج عليه : صحة أحد القولين فيمن تصدق عليه بلحم أضحية ، فإنه يجوز له أن يبيعه .

والقول الثاني : لا يجوز فيه ذلك ; لأن أصل مشروعية الأضحية ألا يباع منها شيء مطلقا .

وقوله - صلى الله عليه وسلم - لجويرية : ( قربيه ) ، إنما قال ذلك فيه لعلمه بطيب قلب المولاة بذلك ، أو تكون المولاة قد أهدت ذلك لجويرية ، كما جاء في حديث بريرة الآتي بعد هذا .

وفي حديث عائشة ما يدل: على جواز الصدقة على موالي قريش ; لأن عائشة تيمية ، وتيم من قريش ، وجويرية مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وحكم مولاتها حكمها .

[ ص: 131 ] والثلاث القضيات التي كانت في بريرة إحداها : ما ذكره في هذه الطريق .

والثانية : قوله : ( إنما الولاء لمن أعتق ) .

والثالثة : تخييرها في زوجها . وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى .

وكونه - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن الطعام ، هل هو صدقة أو هدية ؟ يدل على أن للمتقي أن يسأل عما خفي عليه من أحوال الهدية والمهدي ; حتى يكون على بصيرة من أمره ، لكن هذا ما لم يؤذ المهدي والمطعم ، فإن أدى إلى ذلك فالأولى ترك السؤال إلا عند الريبة .

وهذا الحديث يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يأكل صدقة التطوع ، كما كان لا يأكل صدقة الواجب ، وأنها لا تحل له كما قدمنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية