المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1791 (30) باب

دعاء المصدق لمن جاء بصدقته ، والوصاة بالمصدق

[ 947 ] عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كان رسول الله إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : (اللهم صل عليهم " فأتاه أبو أوفى بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفى) .

رواه أحمد (4 \ 353 و 355 )، والبخاري (1497)، ومسلم (1078)، وأبو داود (1590)، والنسائي (2 \ 152) .


(30) ومن باب: الدعاء للمتصدق وإرضاء المصدق

لما أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأخذ الصدقة من الأموال والدعاء للمتصدق بقوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة الآية ، امتثل ذلك ، فكان يدعو [ ص: 132 ] لمن أتاه بصدقته ، ولذلك كان يقول لهم : ( اللهم صل عليهم ) ; أي : ارحمهم ، وقال : ( اللهم صل على آل أبي أوفى ) .

وقال كثير من علمائنا: إنه أراد بآل أبي أوفى : نفس أبي أوفى ، وجعلوا هذا مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي موسى : (لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود ) ، وإنما أراد: داود نفسه ، وهو محتمل لذلك . ويحتمل أن يريد به : من عمل مثل عمله من عشيرته وقرابته ، فيكون مثل : ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) ، والله تعالى أعلم .

وهل يتعدى الأمر لكل مصدق عند أخذه الصدقة ؟ أو هو خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قولان لأهل العلم .

فذهب الجمهور: إلى أنهم يندبون إلى ذلك ; للاقتداء بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما يحصل عند ذلك من تطييب قلوب المتصدقين .

وقال أهل الظاهر : هو واجب ; أخذا بظاهر قول الله تعالى : وصل عليهم ولا يسلم لهم ذلك ; لأن قوله تعالى : إن صلاتك سكن لهم يشعر بخصوصيته - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء . وقوله تعالى : إن صلاتك سكن لهم تعليل للأمر بالدعاء ، لا لأخذ الصدقة ، كما قد توهمه أهل الردة الذين تقدم ذكرهم في كتاب الإيمان .

وعلى هذا فلا يكون للظاهرية متمسك في الآية ، ويتجه قول [ ص: 133 ] من ادعى خصوصية ذلك بالنبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقال كثير من المفسرين في معنى سكن لهم ; أي : طمأنينة وتثبيت وبركة وتزكية .

التالي السابق


الخدمات العلمية