المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1841 (5) باب

إذا أقبل الليل وغابت الشمس أفطر الصائم

[ 969 ] عن عمر قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطر الصائم .

رواه أحمد (1 \ 28 و 35 )، والبخاري (1954)، ومسلم (1100)، وأبو داود (2351)، والترمذي (698) .


[ ص: 158 ] (5) ومن باب: إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغربت الشمس فقد أفطر الصائم

هذه الثلاثة الأمور متلازمة; إذا حصل الواحد منها حصل سائرها . وإنما جمعها في الذكر - والله أعلم - ; لأن الناظر قد لا يرى عين غروب الشمس لحائل . ويرى ظلمة الليل في المشرق ، فيحل له إذ ذاك الفطر .

وإقبال الليل : إقبال ظلمته . وإدبار النهار: إدبار ضوئه . ومجموعهما : إنما يحصل بغروب الشمس .

وقوله : ( فقد أفطر الصائم ) ; يحتمل أن يكون معناه : دخل في وقت الفطر . كما تقول العرب : أظهر : دخل في وقت الظهر . وأشهر : دخل في الشهر . وأنجد وأتهم : إذا دخل فيهما . أعني : الموضعين . وعلى هذا : لا يكون فيه تعرض للوصال ، لا بنفي ولا بإثبات . ويحتمل أن يكون معناه: فقد صار مفطرا حكما . ومعنى هذا : أن زمان الليل يستحيل فيه الصوم الشرعي . وعلى هذين التأويلين ، يخرج خلاف العلماء: هل يصح إمساك ما بعد الغروب ؟ فمنهم من قال : لا يصح ، وهو كيوم الفطر ، ومنع الوصال ، وقال : لا يصح . ومنهم من جوز إمساك ذلك الوقت ، ورأى : أن له أجر الصائم محتجا بأحاديث الوصال ، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : (فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر) . قالوا : وإنما نهاهم عن الوصال رحمة لهم [ ص: 159 ] ورفقا بهم ; لما يخاف من الضعف فيه ، ولما يوجد من مشقته . وسيأتي لهذا مزيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية