المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
1853 (7) باب

ما جاء في القبلة للصائم

[ 974 ] عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلني وهو صائم وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يملك إربه .

وفي رواية : ولكنه أملككم لإربه .

وفي رواية أخرى: كان يقبل في شهر الصوم .

رواه أحمد (6 \ 400)، ومسلم (1106) (64 و 65 و 70)، وابن ماجه (1684) .


[ ص: 163 ] (7) ومن باب: القبلة للصائم

قول عائشة : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلني وهو صائم ) ; هذا الحديث ، وحديث عمر الآتي بعد هذا ، وحديث عمر بن الخطاب حيث سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن القبلة ؟ فقال له : (أرأيت لو تمضمضت من الماء وأنت صائم ؟) قال : لا بأس به . قال : (فمه) ; يدل: على إباحة القبلة للصائم مطلقا . وهو مذهب جماعة من الصحابة والتابعين ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود . وكرهها قوم مطلقا . وهو مشهور مذهب مالك . وفرق قوم : فكرهوها للشاب ، وأجازوها للشيخ ; وهو مروي عن ابن عباس ، وإليه ذهب أبو حنيفة ، والشافعي ، والثوري ، والأوزاعي . وحكاه الخطابي عن مالك .

وقد روى ابن وهب عن مالك : أنه أباحها في النفل ، ومنعها في الفرض . وسبب هذا الخلاف معارضة تلك الأحاديث لقاعدة سد الذريعة . وذلك : أن القبلة قد يكون معها الإنزال ; فيفسد الصوم ، فينبغي أن يمنع ذلك حماية للباب .

ووجه الفرق بين الشيخ والشاب : أن المظنة في حق الشاب محققة غالبا ، فيترتب الحكم عليها ، ويشهد لصحة الفرق : ما رواه أبو داود من حديث قيس مولى تجيب : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرخص في قبلة الصائم للشيخ ونهى عنها [ ص: 164 ] للشاب ، وفي معناه عن أبي هريرة ، ولا يصح منها شيء .

وقولها : ( وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه ) ; قد تقدم الكلام في الإرب ، وأنه يقال : بفتح الهمزة وكسرها ، وأن أصله : العضو . وهو هنا كناية عن الجماع . وهذا يدل: على أن مذهبها منع القبلة مطلقا في حق غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأنها فهمت خصوصيته بجواز ذلك ، وهو خلاف ما في حديث أم سلمة ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - سوى بينه وبين غيره في إباحة ذلك . والأخذ بحديث أم سلمة أولى ; لأنه مبين للقاعدة ، ونص في الواقعة . وقول عائشة اجتهاد منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية