المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2048 [ 1061 ] وعنها قالت: كأني أنظر إلى وبيص الطيب وفي رواية : المسك - في مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو محرم .

رواه أحمد (6 \ 109 و 191 )، ومسلم (1190) (39 و 45 )، والنسائي (5 \ 140)، وابن ماجه (2927) .


و ( وبيص الطيب ) : بريقه ، وأثره . وهذا الطيب الذي ذكرته عائشة كان دهنا له أثر فيه مسك . وبهذا يجتمع خلاف الروايات في ذلك ; وإنما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب للطواف على نسائه في بيوتهن بالمدينة ، في ليلة اليوم الذي خرج في بقيته إلى ذي الحليفة ، فإنه بات بها ، وأصبح محرما من صبيحة ليلتها ، كما قد ذكرنا آنفا ، وأحرم بعد أن صلى الظهر ، كما ظهر من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الآتي : فاغتسل وغسل ما كان عليه من الطيب ، غير أنه بقي عليه ما تعذر إزالته بعد الغسل من الرائحة . وعن هذا عبرت عائشة -رضي الله عنها- بقولها : ( ثم أصبح ينضخ طيبا ) ، ومعنى ( ينضخ ) : تعم رائحته ، ويدرك إدراكا كثيرا ، وأصله من : نضخ العين ، وهو عبارة عن كثرة مائها ، وفورانه . ومنه : فيهما عينان نضاختان

[ ص: 275 ] وقولها : ( ولحله قبل أن يطوف بالبيت ) ; أي : عند حله ، كما تقدم ، وقد نصت على أن ذلك قبل طواف الإفاضة ، وذلك إنما كان بعد جمرة العقبة . وبظاهر هذه الأحاديث أخذ عامة العلماء ، فأجازوا الطيب بعد التحلل الأصغر ، وقبل الطواف ، وكرهه مالك ; لأنه لما لم يحل له وطء النساء بعد - بالاتفاق - فينبغي أن تمنع مقدمته التي هي الطيب . واعتذر بعض أصحابنا عن حديث عائشة هذا: بادعاء خصوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك . ولم ير مالك على من تطيب حينئذ دما ; لأنه أوقعه بعد تحلل .

و ( مفرق الرأس ) : موضع فرق الشعر .

التالي السابق


الخدمات العلمية