المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
178 (40) باب

ظلم دون ظلم

[ 98 ] عن عبد الله ، قال : لما نزلت : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [ الأنعام : 82 ] شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقالوا : أينا لا يظلم نفسه ؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ليس هو كما تظنون ، إنما هو كما قال لقمان لابنه : يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم [ لقمان : 13 ] .

رواه أحمد ( 1 \ 444 ) ، والبخاري ( 32 ) و ( 4776 ) ، ومسلم ( 124 ) ، والترمذي ( 3069 ) .


[ ص: 334 ] (40) ومن باب ظلم دون ظلم

(قوله تعالى : ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [ الأنعام : 82 ] ) أي : لم يخلطوا ، يقال : لبست الأمر بغيره - بفتح الباء في الماضي ، وكسرها في المستقبل - لبسا : إذا خلطته ، ولبست الثوب - بكسر الباء في الماضي ، وفتحها في المستقبل - لبسا ولباسا . والظلم : وضع الشيء في غير موضعه ; ومنه قول النابغة :

. . . . . . . . . . . .

والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد

فسمى الأرض مظلومة ; لأن النؤي حفر في الصلب منها ، وليس موضع حفر . والمراد به في الآية : الشرك ، وهو أعظم الظلم ; إذ المشرك اعتقد الإلهية لغير مستحقها ; كما قال تعالى : إن الشرك لظلم عظيم [ لقمان : 13 ] أي : لا ظلم أعظم منه . ويقال على المعاصي ظلم ; لأنها وضعت موضع ما يجب من الطاعة لله تعالى ، وقد يأتي الظلم ويراد به النقص ; كما قال تعالى : وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون [ البقرة : 57 ] أي : ما نقصونا بكفرهم شيئا ، ولكن نقصوا أنفسهم حظها من الخير .

[ ص: 335 ] وفي هذا الحديث : ما يدل على أن النكرة في سياق النفي تعم ; لأن الصحابة فهمت من ذلك العموم كل ظلم ، وأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الفهم ، وبين لهم أن المراد بذلك ظلم مخصوص . وفي الآية : دليل على جواز إطلاق اللفظ العام ، والمراد به الخصوص .

التالي السابق


الخدمات العلمية