المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2163 [ 1100 ] وعن حفصة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع. قالت حفصة: فقلت: ما يمنعك أن تحل؟ قال: إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر هديي .

رواه أحمد (6 \ 283 و 285 )، والبخاري (1566)، ومسلم (1229) (179)، وأبو داود (1806)، والنسائي (5 \ 136)، وابن ماجه (3046) .


وقول حفصة : ( إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع ) إنما فعل ذلك - صلى الله عليه وسلم - ليسوي بينهن وبين من لم يسق الهدي من الناس ; الذين أهلوا بالحج ; لأن أزواجه - صلى الله عليه وسلم - لم يسقن الهدي .

وقولها : ( ما يمنعك أن تحل ؟ ) كذا في رواية ابن جريج عن نافع ، عن [ ص: 355 ] ابن عمر ، عنها . ولم يذكر فيها : (من عمرتك) وذكره مالك وغيره عن نافع ، ويظهر من قولها هذا : أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم بعمرة وحدها ، كما سيأتي في حديث ابن عباس : أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بعمرة ، وظاهر هذه الروايات حجة لمن قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان متمتعا . وقد بينا صحيح ما أحرم به . وقد تأول من قال : إنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنا ، هذه الروايات : بأن حفصة وابن عباس عبرا بالإحرام بالعمرة عن القران ; لأنها السابقة في إحرام القارن ، قولا ونية ، أو نية . ولا سيما على ما ظهر من حديث ابن عمر : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مردفا ، وهذا واضح . وأما من روى : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مفردا بالحج فتأول ذلك تأويلات بعيدة ، أقربها : أن معنى قولها : (من عمرتك) أي : بعمرتك . كما قال تعالى : يحفظونه من أمر الله ; أي : بأمر الله . وكقوله : من كل أمر ; أي : بكل أمر . فكأنها قالت : ما يمنعك أن تحل بعمرة تصنعها ؟ فأخبرها بسبب منعه من ذلك. وقد ذكرنا ذلك المعنى مرارا. وقال محمد بن أبي صفرة : مالك يقول في هذا الحديث : (من عمرتك) ، وغيره يقول : (من حجك) .

التالي السابق


الخدمات العلمية