المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
[ 1105 ] ونحوه عن ابن عمر .

رواه مسلم (1231) .


(22) ومن باب: الاختلاف فيما به أحرم النبي - صلى الله عليه وسلم -

قد قدمنا ذكر الاختلاف فيما به أحرم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وذكرنا ما يرد عليه ، والمختار في ذلك . وحديث أنس هذا : في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم قارنا ، ولا يلتفت لقول من قال : إن أنسا لعله لم يضبط القضية لصغره حينئذ ; لأنه قد أنكر ذلك بقوله : ( ما تعدوننا إلا صبيانا ) . ولأنه وإن كان صغيرا حال التحمل ; فقد حدث به ، وأداه كبيرا متثبتا ناقلا للفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - نقل الجازم ، المحقق ، المنكر على من يظن به شيئا من ذلك ، فلا يحل أن يقال شيء من ذلك ، ولأنه قد وافقه البراء بن عازب على [ ص: 359 ] نقل لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - الدال على قرانه ; إذ قال لعلي - رضي الله عنه : ( إني سقت الهدي ، وقرنت ) على ما خرجه النسائي ، وهو صحيح . ووافقهما حديث عمر بن الخطاب الذي قال فيه : (إن الملك أتاه فقال : صل في هذا الوادي المبارك ، وقل : عمرة في حجة) . وفي معنى ذلك حديث ابن عمر المتقدم الذي قال فيه : (إنه - صلى الله عليه وسلم - أهل بالعمرة ، ثم أهل بالحج) . وقد قدمنا : أن معنى قول ابن عباس : إنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم بعمرة : أنه أردف كما قال ابن عمر . وبدليل الإجماع من النقلة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحل من إحرامه ذلك حتى قضى حجه ، ويمكن أن تحمل رواية من روى : أنه - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج . على أن الراوي سمع إردافه بالحج على العمرة المتقدمة ، فسمعه يقول : (لبيك بحجة) ولم يكن عنده علم من إحرامه المتقدم [ ص: 360 ] بالعمرة .

وقد استدل من قال : بتفضيل الإفراد : بأن أبا بكر وعمر وعثمان رأوا ذلك ، وأحرموا به مدة ولايتهم .

والجواب : بأن ذلك رأيهم لا روايتهم . ومن نص وحكى حجة على من ظن ورأى . وقد تقدم ذكر من قال بتفضيل القران على الإفراد ، وعمل به من الصحابة رضي الله عنهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية