المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2338 [ 1110 ] وعن عائشة قالت: أهدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرة إلى البيت غنما فقلدها .

رواه البخاري (1701)، ومسلم (1321) (367)، وأبو داود (1755)، والترمذي (909)، والنسائي (5 \ 173-174)، وابن ماجه (3096) .


[ ص: 364 ] (25) ومن باب: تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

(الإشعار) : الإعلام . وإشعار الهدي : هو أن يفعل فيه علامة يعلم بها أنه هدي. و (شعائر الحج) : معالمه ، وهي مواضع أفعاله . ومنه سمي المشعر الحرام . و (صفحة السنام) : جانبه . و (السنام) : أعلى ظهر البعير.

وحديث ابن عباس هذا يدل على أن الإشعار يكون في الجانب الأيمن ، وبه أخذ الشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور ، وروي عن ابن عمر .

وقالت طائفة : يشعر في الجانب الأيسر ، وبه قال مالك . وقال أيضا : لا بأس به في الأيمن. وقال مجاهد : من أي الجانبين شاء ، وبه قال أحمد في أحد قوليه . وفيه رد على أبي حنيفة ; حيث لا يرى الإشعار ، ويقول : إنه مثلة .

ولا حجة لمن قال : إن الإشعار تعذيب للحيوان ، فإن ذلك يجري مجرى [ ص: 365 ] الوسم الذي يعرف به الملك وغيره مما في معناه . ثم هو أمر معمول به من كافة المسلمين وجماهيرهم من الصحابة وغيرهم. وهذا في البدن واضح . فأما البقر : فإن كانت لها أسنمة أشعرت كالبدن ، قاله ابن عمر . وبه قال مالك . وقال الشافعي ، وأبو ثور : تقلد ، وتشعر مطلقا ، ولم يفرقوا . وقال سعيد بن جبير : تقلد البقر ولا تشعر . فأما الغنم : فلا تشعر . وهل تقلد أم لا ؟ قولان . فممن صار إلى تقليدها جماعة من السلف ، وبه قال الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وابن حبيب . وأنكره مالك ، وأصحاب الرأي. وكأن هؤلاء لم يبلغهم حديث عائشة في تقليد الغنم ، أو بلغهم ، لكنهم تركوه لانفراد الأسود به عن عائشة ، ولم يرو ذلك غيره عنها .

وقوله : ( وقلدها نعلين ) ; النعلان أفضل عندهم . وأجاز مالك والشافعي نعلا واحدة . وأجاز الثوري فم القربة وشبهها. ومقصود التقليد والإشعار : أن يجب الهدي ويعرف ، فلا يتعرض له أحد ، وإن ضل نحر ، ولا ينحر دون محله .

التالي السابق


الخدمات العلمية