المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2204 [ 1116 ] وعن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاء إلى مكة: دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها.

وفي رواية دخل عام الفتح من كداء ، من أعلى مكة.

رواه البخاري (1578)، ومسلم (1258)، وأبو داود (1868)، والترمذي (358) .


(28) ومن باب: من أين دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة والمدينة ؟ ومن أين خرج ؟

قوله : ( كان يخرج من طريق الشجرة ) يعني - والله أعلم - : الشجرة التي [ ص: 371 ] بذي الحليفة ; التي أحرم منها ; كما قال ابن عمر في الحديث المتقدم ، ولعلها هي الشجرة التي ولدت تحتها أسماء بنت عميس . و (المعرس) : موضع التعريس . وهو موضع معروف على ستة أميال هناك .

والتعريس : النزول من آخر الليل . و ( الثنية ) هي : الهضبة ، وهي : الكوم الصغير . وهذه الثنية هي التي بأعلى مكة ، وتسمى : كداء . وبأسفل مكة تثنية أخرى تسمى : كدى . وقد اختلف أهل التقييد في ضبط هاتين الكلمتين : فالأكثر منهم : على أن التي بأعلى مكة : بفتح الكاف والمد. والسفلى : بضم الكاف والقصر . وقيل : عكس ذلك. وأما اللغويون : فقال أبو علي القالي : (كداء) ممدود : جبل بمكة . قال الشاعر :


أقفرت من عبد شمس كداء وكدى والركن والبطحاء

وقال غيره : كدى : جبل قريب من كداء . وقال الخليل : كداء وكدي - بالضم وتشديد الياء - : جبلان بمكة ، الأعلى منهما بالمد. وقال غيره : كدى - مضموم ، مقصور - : بأسفل مكة ، والمشدد لمن خرج إلى اليمن ، وليس من طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - . ثم اختلف المتأولون في المعنى الذي لأجله خالف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين طريقيه . فقيل : ليتبرك به كل من في طريقيه ، ويدعو لأهل تينك الطريقين . وقيل : [ ص: 372 ] ليغيظ المنافقين ومن في ذينك الطريقين منهم بإظهار الدين ، وإعزاز الإسلام . وقيل : ليرى السعة في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية