المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
185 (42) باب

ما يهم به العبد من الحسنة والسيئة

[ 101 ] عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله تعالى : إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة ، فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل ، فإذا عملها ، فأنا أكتبها بعشر أمثالها ، وإذا تحدث بأن يعمل سيئة ، فأنا أغفرها له ما لم يعملها ، فإذا عملها ، فأنا أكتبها له بمثلها .

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قالت الملائكة : رب ، ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة ؟ - وهو أبصر به - فقال : ارقبوه ; فإن عملها فاكتبوها له بمثلها ، وإن تركها فاكتبوها له حسنة ، إنما تركها من جراي .

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا أحسن أحدكم إسلامه ، فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقى الله عز وجل
.

وفي رواية : إذا هم مكان إذا تحدث .

رواه أحمد ( 2 \ 315 ) ، ومسلم ( 129 ) .


[ ص: 342 ] (42) ومن باب ما يهم به العبد من الحسنة والسيئة

(قوله : " قالت الملائكة : رب ، ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة - وهو أبصر - ") قال الطبري : فيه دليل على أن الحفظة تكتب أعمال القلوب ; خلافا لمن قال : إنها لا تكتب إلا الأعمال الظاهرة .

و (قوله : " إنما تركها من جراي ") أي : من أجلي ، وفيه لغتان : المد والقصر ; ومنه الحديث : إن امرأة دخلت النار من جراء هرة ، أي : من أجل ، وهي مشددة الراء في اللغتين ، وقد خففت معهما . ومقصود هذا اللفظ : أن الترك للسيئة لا يكتب حسنة ، إلا إذا كان خوفا من الله تعالى ، أو حياء من الله ، وأيهما كان ، [ ص: 343 ] فذلك الترك هو التوبة من ذلك الذنب . وإذا كان كذلك ، فالتوبة عبادة من العبادات ; إذا حصلت بشروطها ، أذهبت السيئات ، وأعقبت الحسنات .

وقوله تعالى : إنما تركها من جراي . إخبار منه تعالى للملائكة بما لم يعلموا من إخلاص العبد في الترك ، ومن هنا قيل : إن الملائكة لا تطلع على إخلاص العبد . وقد دل عليه قوله - عليه الصلاة والسلام - في حديث حذيفة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد سأله عن الإخلاص ما هو ؟ فقال : " قال الله عز وجل : هو سر من سري ، استودعته قلب من أحببت من عبادي " والحديث الآخر الذي يقول الله فيه للملائكة التي تكتب الأعمال حين تعرضها عليه : ضعوا هذا واقبلوا هذا ، فتقول الملائكة : وعزتك ما رأينا إلا خيرا ، فيقول الله : إن هذا كان لغيري ، ولا أقبل من العمل إلا ما ابتغي به وجهي .

التالي السابق


الخدمات العلمية