المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
189 [ 103 ] وعن عبد الله ، قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوسوسة ؟ فقال : تلك محض الإيمان . رواه مسلم ( 133 )


[ ص: 344 ] (43) ومن باب : استعظام الوسوسة ، والنفرة منها خالص الإيمان

(قوله : " وقد وجدتموه ؟! ") كذا صحت الرواية وقد بالواو ، ومعنى الكلام : الاستفهام على جهة الإنكار والتعجب ، فيحتمل : أن تكون همزة الاستفهام محذوفة ، والواو للعطف ، فيكون التقدير : أوقد وجدتموه ؟! ويحتمل : أن تكون الواو عوض الهمزة ; كما قرأ قنبل ، عن ابن كثير : " قال فرعون وآمنتم به " ، قال أبو عمرو الداني : هي عوض من همزة الاستفهام ، وهذه الواو مثلها . والضمير في وجدتموه عائد على التعاظم الذي دل عليه يتعاظم .

و " الصريح والمحض " : الخالص الصافي ، وأصله في اللبن . ومعنى هذا الحديث : أن هذه الإلقاءات والوساوس التي تلقيها الشياطين في صدور المؤمنين ، [ ص: 345 ] تنفر منها قلوبهم ، ويعظم عليهم وقوعها عندهم ، وذلك دليل صحة إيمانهم ويقينهم ومعرفتهم بأنها باطلة ، ومن إلقاءات الشيطان ، ولولا ذلك ، لركنوا إليها ، ولقبلوها ، ولم تعظم عندهم ، ولا سموها وسوسة ، ولما كان ذلك التعاظم ، وتلك النفرة عن ذلك الإيمان ، عبر عن ذلك بأنه خالص الإيمان ، ومحض الإيمان ; وذلك من باب تسمية الشيء باسم الشيء ; إذا كان مجاورا له ، أو كان منه بسبب .

التالي السابق


الخدمات العلمية