المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2287 [ 1149 ] وعن أم الحصين قالت: حججت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع ، فرأيته حين رمى جمرة العقبة، وانصرف، وهو على راحلته، ومعه بلال، وأسامة: أحدهما يقود به راحلته ، والآخر يرفع ثوبه على رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الشمس ، قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولا كثيرا، ثم سمعته يقول: إن استعمل عليكم عبد مجدع (حسبتها قالت) يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا .

رواه أحمد ( 6/ 402)، ومسلم ( 1298)، والترمذي (1706)، والنسائي ( 7/ 154)، وابن ماجه (1861).


و (قوله : ( والآخر يرفع ثوبه على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الشمس ) ; تعلق بهذا من جوز استظلال المحرم ، وقد تقدم ، وكره مالك ذلك ، وأجاب بعض أصحابه عن هذا الحديث : بأن هذا القدر لا يكاد يدوم . كما أجاز مالك للمحرم أن يستظل بيده . وقال : ما أيسر ما يذهب ذلك ، وقد روي : أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا جعل ظلا على محمله ; فقال : أضح لمن أحرمت له ، أي : ابرز إلى الضحاء . وقال الرياشي : رأيت أحمد بن المعدل في يوم شديد الحر ، فقلت : يا أبا الفضل ! هلا استظللت ! فإن في ذلك توسعة فيه ، فأنشد :


ضحيت له كي أستظل بظله إذا الظل أضحى في القيامة قالصا     فوا أسفا إن كان سعيك ضائعا
وواحسرتا إن كان أجرك ناقصا

قال صاحب الأفعال : يقال : ضحيت ، وضحوت ، ضحيا ، وضحوا : برزت للشمس . وضحيت ، ضحا : أصابتني الشمس . قال الله تعالى : وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى [طه: 119].

[ ص: 401 ] وقوله : ( وإن استعمل عليكم عبد مجدع ) : أي : مقطوع الأنف أو الأطراف. والجدع : القطع . والعبد الذي يكون في هذه الضعة هو في نهاية الضعة والخسة . ويفهم منه : وجوب الطاعة لمن ولي شيئا من أمور المسلمين إذا عدل فيهم . ولا تنزع يد من طاعته ، ولا ينظر إلى نسبه ومنصبه ، فيما عدا الإمامة الكبرى .

التالي السابق


الخدمات العلمية