المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2301 (40) باب

من حلق قبل النحر ونحر قبل الرمي

[ 1158 ] عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع للناس بمنى ، يسألونه فجاء رجل ، فقال: يا رسول الله! لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر ، فقال: " اذبح ولا حرج" ثم جاء رجل آخر ، فقال: يا رسول الله! لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي. قال: "ارم ولا حرج". قال: فما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج".

رواه أحمد ( 2/ 192) ، والبخاري ( 83 و 1736)، ومسلم ( 1306) (327) ، وأبو داود (2014)، والترمذي (916)، وابن ماجه (3051).

[ 1159 ] وعنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة ، فقال: يا رسول الله! إني حلقت قبل أن أرمي ، فقال: "ارم ولا حرج" ، وأتاه آخر ، فقال: إني ذبحت قبل أن أرمي قال: "ارم ولا حرج" وأتاه آخر ، فقال: إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي. قال: "ارم ولا حرج" قال: فما رأيته سئل يومئذ عن شيء إلا قال: "افعلوا ولا حرج".

رواه مسلم (1306) (333).

[ 1160 ] وعن ابن عباس ، أن النبي قيل له في الذبح، والحلق، والرمي، والتقديم والتأخير فقال: "لا حرج" .

رواه أحمد ( 1/ 216) والبخاري ( 1721)، ومسلم ( 1307)، والنسائي ( 5 \ 272)، وابن ماجه (3050).


[ ص: 408 ] (40) ومن باب: من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي

أحاديث هذا الباب تدل على أن من قدم شيئا أو أخره من الحلاق ، والرمي ، والنحر ، والطواف بالبيت ; فلا شيء عليه . وبهذا قال الشافعي ، وفقهاء أصحاب الحديث في جملة من السلف ; تمسكا بهذه الأحاديث . وحكي عن ابن عباس فيمن قدم شيئا من النسك المذكور عليه الدم .

وليس بالثابت عنه . وروي نحوه عن ابن جبير ، وقتادة ، والحسن ، والنخعي . وكأن هؤلاء حملوا قوله - صلى الله عليه وسلم - : (لا حرج) ; أي : لا إثم ، ورتبوا الحكم المقرر على من أخل بشيء من سنن الحج على [ ص: 409 ] أصله : من وجوب جبره بالدم . ولم يختلفوا فيمن نحر قبل الرمي : أنه لا شيء عليه. وقال أبو حنيفة : على من حلق قبل الرمي ، أو نحر، دم . وقال مالك : إنما يجب الدم على من حلق قبل الرمي ; لقوله تعالى : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ; ومحل الهدي من الزمان هو بعد رمي جمرة العقبة .

واختلف قول مالك فيما إذا قدم الإفاضة على الرمي . فقيل : يجزئه ، وعليه الهدي . وقيل : لا يجزئه ، وهو كمن لم يفض . وقال : يعيده بعد الرمي ، والنحر . وسبب هذا الخلاف : معارضة قوله تعالى : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله لهذه الأحاديث ، وتأويل قوله : (لا حرج) هل أراد به رفع الإثم فقط ، أو رفع الإثم والحكم . والمفرق تأكد عنه بعض تلك الأفعال ما لم يتأكد غيره ، فأوجب الدم في المتأكد ، ولم يوجبه في غيره . والظاهر من الأحاديث مذهب الشافعي وأصحاب الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية