المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2340 (44) باب

من بعث بهدي لا يلزمه أن يجتنب ما يجتنبه المحرم ، وفي ركوب الهدي

[ 1176 ] عن عمرة بنت عبد الرحمن أن زيادا كتب إلى عائشة أن عبد الله بن عباس قال: من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي ، وقد بعثت بهديي فاكتبي إلي بأمرك . قالت عمرة: قالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس ، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيديه، ......... ثم بعث بها مع أبي ، فلم يحرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء أحله الله له حتى نحر الهدي .

رواه أحمد ( 6/ 78 و 85) والبخاري ( 1696)، ومسلم ( 1321) (369)، وأبو داود (1757 و 1759)، والترمذي (908)، والنسائي ( 5/ 171)، وابن ماجه (3098).


[ ص: 421 ] (44) ومن باب: من بعث بهدي لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم

قوله : ( عن عمرة بنت عبد الرحمن : أن زيادا كتب إلى عائشة ) ; كذا هو الصواب ، وهو : زياد بن أبي سفيان ، وكذا هو في جميع "الموطآت" ، وفي " البخاري " . ورواية من رواه : (أن ابن زياد ) خطأ. وما حكاه زياد عن ابن عباس هو مذهبه ، ومذهب ابن عمر ، وعطاء ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير . وحكاه الخطابي عن أصحاب الرأي . وما أسندته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي عمل به جمهور العلماء ، ما خلا من ذكر .

و ( القلائد ) : جمع قلادة ، وهو ما يجعل في العنق من خيط أو سير.

و ( العهن ) : الصوف المصبوغ ألوانا ; قاله الخليل . وقال غيره : كل صوف عهن .

وقولها : ( أنا فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قلدها ) ; يدل على [ ص: 422 ] تجويدها لتلك الرواية ، وأنها اعتنت بالقصة ، وحققتها . وفيه ما يدل على أن من بعث بهديه قلده ، وأشعره من موضعه بخلاف من حمله معه ، فإنه يقلده من موضع إحرامه .

وقولها : ( ثم بعث بها مع أبي ) ; كان هذا - والله أعلم - حين بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - على الحج أميرا ، ثم أردفه بعلي لينبذ للناس عهدهم ، كما تقدم. وقد مضى الكلام في الإشعار والتقليد .

التالي السابق


الخدمات العلمية