المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2392 (52) باب

ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

[ 1200 ] عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى السفر كبر ثلاثا، ثم قال: " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون [الزخرف: 13 - 14]، "اللهم نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال والأهل" . وإذا رجع قالهن ، وزاد فيهن : "آيبون ، تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون" .


(52) ومن باب: ما يقال عند الخروج إلى السفر وعند الرجوع

" سخر " ذلل ومكن ، " مقرنين " مطيقين - قاله ابن عباس ، قال الشاعر :


لقد علم القبائل ما عقيل لنا في النائبات بمقرنينا

أي بمطيقين ، وقال الأخفش : ضابطين . وقال قتادة : مماثلين ، من القرن [ ص: 454 ] في القتال وهو المثل ، ويحتمل أن يكون من المقارنة أي الملازمة .

و " منقلبون " راجعون ، تنبيها على المطالبة بالشكر على ما أنعم وعلى العدل فيما سخر .

" البر " العمل الصالح والخلق الحسن ، و " التقوى " الخوف الحامل على التحرز من المكروه ، " الصاحب " أي : أنت الصاحب الذي تصحبنا بحفظك ورعايتك ، و " الخليفة " أي : الذي يخلفنا في أهلينا بإصلاح أحوالهم بعد مغيبنا وانقطاع نظرنا عنهم ، ولا يسمى الله تعالى بالصاحب ولا بالخليفة لعدم الإذن وعدم تكرارهما في الشريعة .

و " أعوذ " أستجير ، و " وعثاء السفر " مشقته وشدته ، وأصله من الوعث وهو الوحل والدهس . و " كآبة المنظر " أي : حزن المرأى وما يسوء منه ، و " المنقلب " الانقلاب ، وهو مصدر انقلب - مزيدا . " آيبون " جمع آيب ، وهو الراجع بالخير هنا. و " تائبون " جمع تائب من الذنب ، وأصل التوبة الرجوع ، كذلك حدها بعض أئمتنا بأن قالوا : التوبة هي الرجوع عما هو مذموم شرعا إلى ما هو محمود شرعا - وسيأتي القول فيها إن شاء الله تعالى ، وقد تقدم القول في ذنوب الأنبياء.

" عابدون " : خاضعون متذللون . " حامدون " : مثنون عليه بصفات كماله [ ص: 455 ] وجلاله ، وشاكرون عوارف أفضاله .

التالي السابق


الخدمات العلمية