المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3292 [ 1266 ] وعن ابن عمر ، قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية إلى نجد ، فخرجت فيها، فأصبنا إبلا وغنما ، فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا ، اثني عشر بعيرا ، ونفلنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعيرا بعيرا .

رواه مسلم (1749) (37).


وقوله : ( بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نجد سرية ) إلى قوله : ( ونفلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرا بعيرا ) ; هذه السرية خرجت من جيش بعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نجد ، فلما غنمت قسم ما غنمت على الجيش والسرية ، فكانت سهمان ; كل واحد من الجيش والسرية اثني عشر بعيرا ، اثني عشر بعيرا ، ثم زيد أهل السرية بعيرا بعيرا ، فكان لكل إنسان من أهل السرية ثلاثة عشر بعيرا ، ثلاثة عشر بعيرا . بين ذلك ونص عليه أبو داود من حديث شعيب بن أبي حمزة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، ولهذا قال مالك ، وعامة الفقهاء : إن السرية إذا خرجت من الجيش فما غنمته كان مقسوما [ ص: 538 ] بينها وبين الجيش . ثم إن رأى الإمام أن ينفلهم من الخمس جاز عند مالك ، واستحب عند غيره . وذهب الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد : إلى أن النفل من جملة الغنيمة بعد إخراج الخمس ، وما بقي للجيش ، وحديث ابن عمر يرد على هؤلاء ، فإنه قال فيه : فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا ، اثني عشر بعيرا ، ونفلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرا بعيرا ...

وظاهر مساق هذه الرواية : أن الذي قسم بينهم ، ونفلهم ، هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، حين رجعوا إليه. وفي رواية مالك عن نافع : (ونفلوا بعيرا بعيرا) ، ولم يذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ومن رواية الليث عن نافع : (ونفلوا سوى ذلك بعيرا بعيرا ، فلم يغيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وفي كتاب أبي داود من حديث محمد بن إسحاق عن نافع قال : فأصبنا نعما كثيرا ، فنفلنا أميرنا بعيرا بعيرا ، ثم قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقسم علينا غنيمتنا ، فأصاب كل إنسان منا اثنا عشر بعيرا ، اثنا عشر بعيرا ، وما حاسبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي أعطانا صاحبنا ، ولا عاب عليه ما صنع ، فكان لكل رجل ثلاثة عشر بعيرا بنفله . وهذا اضطراب في حديث ابن عمر ، على أنه يمكن أن تحمل رواية من رفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنه لما بلغه ذلك أجازه ، وسوغه . والله تعالى أعلم . أو تكون رواية عبيد الله عن نافع في الرفع وهما ، وبمقتضى رواية ابن إسحاق عن نافع قال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد كما قدمناه آنفا من مذهبهم ، لكن محمد بن إسحاق كذبه مالك ، وضعفه غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية