المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3311 (15) باب

إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

[ 1282 ] عن أبي هريرة قال: بينا نحن في المسجد ، إذ خرج إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: انطلقوا إلى يهود. فخرجنا معه حتى جئناهم ، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فناداهم فقال: يا معشر يهود ، أسلموا تسلموا. فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم! فقال لهم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ذلك أريد ، أسلموا تسلموا. فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم؟ فقال لهم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ذلك أريد. ثم قال لهم الثالثة ، فقال: اعلموا أنما الأرض لله ورسوله ، وأني أريد أن أجليكم من هذه الأرض ، فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه ، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله .

رواه البخاري (6944)، ومسلم (1765).


(15) ومن باب: إجلاء اليهود والنصارى من المدينة ومن جزيرة العرب

قوله : ( أسلموا تسلموا ) ; أي : ادخلوا في دين الإسلام طائعين تسلموا من القتل والسباء مأجورين . وفيه دليل على استعمال التجنيس ، وهو من أنواع البلاغة .

[ ص: 588 ] وقولهم : ( قد بلغت يا أبا القاسم ) ; كلمة مكر ومداجاة ليدافعوه بما يوهمه ظاهرها ، وذلك : أن ظاهرها يقتضي أنه قد بلغ رسالة ربه تعالى ; ولذلك قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( ذلك أريد ) ; أي : التبليغ . قالوا ذلك وقلوبهم منكرة مكذبة . ويحتمل أن يكونوا قالوا ذلك خوفا منه ، وطيبة له . والله تعالى أعلم .

وقوله : ( اعلموا : أن الأرض لله ولرسوله ) ; يعني : ملكا وحكما . ويعني بها : أرضهم التي كانوا فيها ، أعلمهم بهذه اللفظة : أنه يجليهم منها ، ولا يتركهم فيها ، وأن ذلك حكم الله فيهم .

وقوله : ( من كان له مال فليبعه ) ; دليل على أنهم كان لهم عهد على نفوسهم وأموالهم ، لا على المقام في أرضهم ، ولذلك أجلاهم منها. وهؤلاء هم يهود بني قينقاع ، وبنو حارثة ، ويهود المدينة المذكورون بعد هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية