المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3323 (19) باب

كتب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الملوك يدعوهم

[ 1290 ] عن أنس: أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى كسرى وإلى قيصر ، وإلى النجاشي: وإلى كل جبار ، يدعوهم إلى الله ، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي-صلى الله عليه وسلم- .

وقد رواه من طريقين ، ولم يذكر : وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - .

رواه مسلم (1774) والترمذي (2718).


[ ص: 612 ] (19) ومن باب: كتب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الملوك يدعوهم

قوله : ( وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -) ; هذا تحرز من الراوي ; لئلا يظن أن النجاشي المسمى : أصحمة ; الذي هاجر إليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو هذا ، وليس كذلك ; لأن هذا احتاج في إسلامه إلى أن يدعوه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام ، ويكاتبه في ذلك ، ولم يحتج أصحمة إلى شيء من ذلك ، بل بنفس ما سمع القرآن من جعفر وأصحابه الذين هاجروا إلى أرضه ، وأخبر بقواعد الإسلام ، وبمحاسنه ، ورأى ما كان الصحابة عليه ، أحب دين الإسلام ، وانقاد إليه ، وصرح بأنه على اعتقاد المسلمين في عيسى - عليه السلام- ، وعرض على أهل مملكته الدخول في الإسلام ، فلما رأى نفرتهم ، ويئس منهم ، كتم إسلامه تقية على نفسه ، منتظرا التخلص منهم ، إلى أن توفي على الإسلام والإيمان بشهادة [ ص: 613 ] رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له بذلك ، حيث نعاه لهم ، وقال : (إن أخا لكم بأرض الحبشة قد مات ، فقوموا ، فصلوا عليه) ; كما تقدم في الجنائز ، وإنما النجاشي الذي كاتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آخر غير هذا من ملوك الحبشة ، إما في جهة أخرى ، أو بعد موت أصحمة . والله تعالى أعلم .

وهذه الأحاديث كلها تدل على جواز مفاتحة الكفار بالمكاتبة . وهو حكم لم يختلف فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية