المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3329 (21) باب

في محاصرة العدو ، وجواز ضرب الأسير وطرف من غزوة الطائف

[ 1295 ] وعن عبد الرحمن بن عمر قال: حاصر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أهل الطائف، فلم ينل منهم شيئا، فقال: " إنا قافلون إن شاء الله". قال أصحابه: نرجع ولم نفتتحه؟ فقال لهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "اغدوا على القتال". فغدوا عليه، فأصابهم جراح، فقال: لهم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "إنا قافلون غدا". فأعجبهم ذلك، فضحك رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.

رواه أحمد ( 2 \ 11 )، والبخاري (4325)، ومسلم (1778).


(21) ومن باب: محاصرة العدو

قوله : ( حاصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل الطائف ) ; كان هذا الحصار بعد هزيمة هوازن ، وذلك : أنه لجأ إليها فلهم ، واجتمع بها شوكتهم ورماتهم مع رماة [ ص: 625 ] ثقيف . وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى جدهم وامتناعهم قال لأصحابه : ( إنا قافلون غدا إن شاء الله ) ; على جهة الرفق بهم ، والشفقة عليهم ، فعظم عليهم أن يرجعوا ولم يفتحوا ذلك الحصن . ورأوا أن هذا العرض من النبي -صلى الله عليه وسلم- على جهة المشورة ، فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جدهم في هذا ، وما ظهر لهم ، قال لهم : ( اغدوا على القتال ) ، فلما أصابتهم الجراح ، وقتل منهم جماعة على ما ذكر أهل التواريخ ، قال لهم : ( إنا قافلون غدا ) ; فأعجبهم ذلك لما أصابهم من شدة الحال ، ولما لقوا ، فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى من اختلاف قولهم عند اختلاف الحالين ، ورجوعهم إلى الرأي السديد ، لكن بعد مشقة .

وفيه من الفقه : جواز محاصرة العدو ، والتضييق عليهم ، ومشاورة الإمام أصحابه ، وعرضه عليهم ما في نفسه ، وسلوكه بهم طريق الرفق والرحمة .

و (القافل) هو الراجع من السفر . والجماعة : القافلة . ولا يقال لهم في ابتداء سيرهم : قافلة . بل : رفقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية