المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
210 [ 116 ] ومن حديث أبي هريرة : إن الإيمان ليأرز إلى المدينة بنحوه .

رواه أحمد ( 2 \ 422 ) ، والبخاري ( 1876 ) ، ومسلم ( 147 ) ، وابن ماجه ( 3111 ) .


و (قوله : " الإسلام يأرز بين المسجدين ، وإن الإيمان ليأرز إلى المدينة ") قال أبو عبيد : أي : ينضم ويجتمع بعضه إلى بعض كما تنضم الحية في جحرها . وقال ابن دريد : أرز الشيء يأرز ، إذا ثبت في الأرض ، وشجرة أرزة ، أي : ثابتة مجتمعة .

وهذا منه - صلى الله عليه وسلم - إخبار بما كان في عصره وعصر من يليه من أصحابه وتابعيهم ، من حيث إن المدينة دار هجرتهم ومقامهم ، ومقصدهم وموضع رحلتهم [ ص: 364 ] في طلب العلم والدين ، ومرجعهم فيما يحتاجون إليه من مهمات دينهم ووقائعهم ، حتى لقد حصل للمدينة من الخصوصية بذلك ما لا يوجد في غيرها . وفيه حجة على صحة مذهب مالك في تمسكه بعمل أهل المدينة وكونه حجة شرعية .

وقال أبو مصعب الزبيري في معنى هذا الحديث : إنما المراد بالمدينة أهل المدينة ، وأنه تنبيه على صحة مذهبهم ، وسلامتهم من البدع المحدثات ، واقتدائهم بالسنن ، والإيمان مجتمع عندهم وعند من سلك سبيلهم .

و (قوله : " بين المسجدين ") يعني : مسجدي مكة والمدينة . وهو إشارة إلى أن مبدأ الإيمان كان بمكة وظهوره بالمدينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية