المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3346 [ 1309 ] وعن أنس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه ، ويقول: " كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم". فأنزل الله: ليس لك من الأمر شيء [آل عمران: 128].

رواه أحمد ( 3 \ 253 )، ومسلم (1791)، والترمذي (3002)، وابن ماجه (4027).


[ ص: 650 ] وقوله : ( كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ؟ ) هذا منه -صلى الله عليه وسلم- استبعاد لتوفيق من فعل ذلك به.

وقوله تعالى : ليس لك من الأمر شيء [آل عمران: 128] تقريب لما استبعده ، وإطماع في إسلامهم ، ولما أطمع في ذلك ، قال -صلى الله عليه وسلم- : ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) . وإذا تأمل الفطن هذا الدعاء في مثل تلك الحال علم معنى قوله تعالى : وإنك لعلى خلق عظيم [القلم: 4] فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يدع عليهم فينتصر ، ولم يقتصر على العفو حتى دعا لهم ، ولم يقتصر على الدعاء لهم حتى أضافهم لنفسه على جهة الشفقة ، ولم يقتصر على ذلك حتى جعل لهم جهلهم بحاله كالعذر ، وإن لم يكن عذرا . وهذا غاية الفضل والكرم التي لا يشارك فيها ولا يوصل إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية