المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3381 (33) باب

عدد غزوات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

[ 1327 ] عن أبي إسحاق قال: لقيت زيد بن أرقم فقلت له: كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : تسع عشرة غزوة . فقلت: فكم غزوت أنت معه؟ قال : سبع عشرة غزوة. قال: فقلت: ما أول غزاة غزا؟ قال: ذات العشير أو ذات العسير.

رواه البخاري (4471)، ومسلم (1254) في الجهاد (143)، والترمذي (1676).


[ ص: 691 ] (33) ومن باب: عدد غزوات رسول الله -صلى الله عليه وسلم -

قول زيد بن أرقم - رضي الله عنهما- : ( إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزا تسع عشرة غزوة ) ، وقول بريدة : ( سبع عشرة ، قاتل في ثمان منهن ) ; كله مخالف لما عليه أهل التواريخ والسير . قال محمد بن سعد في كتاب "الطبقات" ، له : إن غزوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سبع وعشرون ، وسراياه ست وخمسون . وفي رواية : ست وأربعون . والتي قاتل فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : بدر ، وأحد ، والمريسيع ، والخندق ، وخيبر ، وقريظة ، والفتح ، وحنين ، والطائف . قال ابن سعد : هذا الذي اجتمع لنا عليه . وفي بعض الروايات : أنه قاتل في بني النضير ، وفي وادي القرى ; منصرفه من خيبر ، وفي الغابة .

قلت : وعلى هذا : فقول زيد بن أرقم وغيره : أنه غزا تسع عشرة ، أو سبع عشرة ، أو ست عشرة ; إنما أخبر كل منهم عما في علمه ، أو شاهده . والله تعالى أعلم .

وقول زيد بن أرقم : ( إن أول غزوة غزاها ذات العشير ) ; يقال بالشين [ ص: 692 ] والسين . ويزاد عليها (ها) ، فيقال : العشيرة . وهو موضع بقرب الينبوع سكن بني مدلج ، بينه وبين المدينة تسعة برد . وهذا مخالف لما نقله أهل التواريخ والسير . قال محمد بن سعد : كان قبل غزوة العشيرة ثلاث غزوات ; يعني : غزاها بنفسه . وقال أبو عمر بن عبد البر : أول غزوة غزاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة ودان ، غزاها بنفسه في صفر ، وذلك : أنه وصل إلىالمدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ، وأقام بها بقية ربيع الأول ، وباقي العام كله إلى صفر من سنة اثنتين من الهجرة ، ثم خرج في صفر المذكور ، واستعمل على المدينة سعد بن عبادة حتى بلغ ودان ، فوادع بني ضمرة ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حربا ، وهي المسماة : بغزوة الأبواء ، ثم أقام بالمدينة إلى ربيع الآخر من السنة المذكورة ، ثم خرج منها ، واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون ، حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ، ثم رجع ، ولم يلق حربا ، ثم أقام بها بقية ربيع الآخر ، وبعض جمادى الأولى ، ثم خرج غازيا ، واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد ، وأخذ على طريق ملل إلى العشيرة ، فأقام بها بقية جمادى الأولى ، وليال من جمادى الآخرة ، ووادع فيها بني مدلج ، ثم رجع ، ولم يلق حربا ، ثم كانت بعد ذلك غزوة بدر الأولى بأيام قلائل . هذا الذي لا يشك فيه أهل التواريخ والسير ، فزيد بن أرقم إنما أخبر عما عنده ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية