المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3388 (35) باب

ترك الاستعانة بالمشركين

[ 1332 ] عن عائشة أنها قالت: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل بدر، فلما كان بحرة الوبرة، أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: جئت لأتبعك وأصيب معك، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا، قال: فارجع، فلن أستعين بمشرك. قال: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة، أدركه الرجل . فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال أول مرة، قال: فارجع، فلن أستعين بمشرك. قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فانطلق" .

رواه أحمد ( 3 \ 148 و 149)، ومسلم (1817) وأبو داود (2732)، والترمذي (1558).


[ ص: 695 ] (35) ومن باب: ترك الاستعانة بالمشركين

قوله : ( فلما كان بحرة الوبرة ) ; هو بفتح الباء والراء ، وهي الرواية المعروفة ، وقيده بعضهم بسكون الباء ، وهو موضع على أربعة أميال من المدينة .

وقوله -صلى الله عليه وسلم- : ( ارجع ، فلن أستعين بمشرك ) ، بظاهر هذا الحديث قال كافة العلماء ; مالك وغيره ، فكرهوا الاستعانة بالمشركين في الحرب . وقال مالك وأصحابه : لا بأس أن يكونوا نواتية وخداما .

واختلف في استعمالهم برميهم بالمجانيق ، فأجيز وكره . وأجاز ابن حبيب : أن يستعمل من سالم منهم في قتال من حارب منهم . وقال بعض علمائنا بجواز ذلك ، ويكونون ناحية من عسكر المسلمين . وقالوا : إنما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك في وقت مخصوص ، لرجل مخصوص ، لا على العموم . وظاهر الحديث حجة عليهم .

ثم إذا قلنا : يستعان بهم . فهل يسهم لهم أو لا ؟ قولان . وإلى الأول ذهب الزهري والأوزاعي . وإلى الثاني ذهب مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، [ ص: 696 ] وأبو ثور . وقال الشافعي مرة : لا يعطون من الفيء شيئا ، ويعطون من سهم النبي -صلى الله عليه وسلم- . وقال قتادة : لهم ما صالحوا عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية