المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
219 [ 121 ] وعن أبي موسى الأشعري ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ، وأدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به واتبعه وصدقه ، فله أجران . وعبد مملوك أدى حق الله عز وجل وحق سيده ، فله أجران . ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ، ثم أدبها فأحسن أدبها ، ثم أعتقها وتزوجها ، فله أجران .

ثم قال الشعبي للخراساني : خذ هذا الحديث بغير شيء ، فقد كان الرجل يرحل فيما دون هذا إلى المدينة .

رواه أحمد ( 4 \ 405 ) ، والبخاري ( 3011 ) ، ومسلم ( 154 ) ، والترمذي ( 1116 ) ، والنسائي ( 6 \ 115 ) .


[ ص: 368 ] (50) ومن باب مضاعفة أجر الكتابي إذا آمن

(قوله : " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ") الحديث . الأمة في أصل اللغة : الجماعة من الحيوان ، قال الله تعالى : وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم [ الأنعام : 38 ] وقال : وجد عليه أمة من الناس يسقون [ القصص : 23 ] ثم قد استعمل في محامل شتى ، والمراد به في هذا الحديث : كل من أرسل إليه محمد - صلى الله عليه وسلم - ولزمته حجته ، سواء صدقه أو لم يصدقه ، ولذلك دخل فيه اليهودي والنصراني . لكن هذا على مساق حديث مسلم هذا ، فإنه قال فيه : لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ، بغير واو العطف ، فإنه يكون بدلا من الأمة . وقد روى هذا الحديث عبد بن حميد ، وقال : لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ، فحينئذ لا يدخل اليهودي ولا النصراني في الأمة المذكورة ، والله تعالى أعلم .

وفيه دليل على أن من لم تبلغه دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أمره ، لا عقاب عليه ولا مؤاخذة ، وهذا كما قال تعالى : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [ الإسراء : 15 ] ومن لم تبلغه دعوة الرسول ولا معجزته ، فكأنه لم يبعث إليه رسول .

[ ص: 369 ] وهذا الكتابي الذي يضاعف أجره ، هو الذي كان على الحق في شرعه عقدا وفعلا ، ثم لم يزل متمسكا بذلك إلى أن جاء نبينا - صلى الله عليه وسلم - فآمن به ، واتبع شريعته ، فهذا هو الذي يؤجر على اتباع الحق الأول والحق الثاني .

وأما من اعتقد الإلهية لغير الله تعالى ، كما تعتقده النصارى اليوم ، أو من لم يكن على حق في ذلك الشرع الذي ينتمي إليه ، فإذا أسلم جب الإسلام ما كان عليه من الفساد والغلط ، ولم يكن له حق يؤجر عليه إلا الإسلام خاصة - والله أعلم - ، وسيأتي في هذا الحديث زيادة بحث .

التالي السابق


الخدمات العلمية