المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3490 [ 1344 ] وعنه قال: قيل للنبي-صلى الله عليه وسلم-: ما يعدل الجهاد في سبيل الله ؟ قال: لا تستطيعونه. قال: فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يقول: لا تستطيعونه. قال في الثالثة: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله .

رواه مسلم (1878)، والنسائي ( 6 \ 19 ).


وقوله : ( ما يعدل ) ; أي : ما يعادله ويماثله في الثواب عند الله تعالى ؟

وقوله : ( لا تستطيعونه ) ; أي : لا تطيقون أن تفعلوا ما يساوي ثواب الجهاد . ووجهه : أن كل ما يصدر من المجاهد في حالتي نومه ويقظته ، وسكونه وحركته هو عمل صالح يكتب له ثوابه دائما ، بدوام أفعاله ، إذ لا يتأتى لغيره فيه ; لأنه على كل حال في الجهاد ، وملابس أحواله ، وذلك : أن المجاهد إما أن ينال من العدو ، أو يغيظه ، أو يروعه ، أو يكثر سواد المسلمين ، أو يصيبه نصب أو مخمصة . وكل ذلك أعمال كثيرة لها أجور عظيمة ، كما قال تعالى : [ ص: 709 ] ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين [التوبة: 120] وعلى هذا نبه النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال : (مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم ، القائم ، القانت بآيات الله ، لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله) . فشبه المستغرق في أفضل العبادات التي هي الصوم والصلاة ، الخاشع فيها ; الذي لا يفتر بالمجاهد ; لذلك المعنى الذي ذكرنا.

و ( القائم ) ; يعني به : في الصلاة . و ( القانت ) : الخاشع فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية