المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3489 (40) باب

فضل القتل في سبيل الله تعالى

[ 1348 ] عن أنس بن مالك ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا، وأن له ما على الأرض من شيء غير الشهيد، فإنه يتمنى أن يرجع فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة".

وفي رواية : "لما يرى من فضل الشهادة" .

رواه أحمد (3 \ 103 ) والبخاري (2817)، ومسلم (1877)، والترمذي (1643)، والنسائي ( 6 \ 36 ).


[ ص: 712 ] (40) ومن باب: فضل القتل في سبيل الله تعالى

قوله : ( إن الإيمان والجهاد أفضل الأعمال ) ; الإيمان هنا : هو المذكور في حديث جبريل ، ولا شك في أنه أفضل الأعمال ; فإنه راجع إلى معرفة الله ورسوله ، وما جاء به ، وهو المصحح لأعمال الطاعات كلها ، المتقدم عليها في الرتبة والمرتبة ، وإنما قرن به الجهاد هنا في الأفضلية ، وإن لم يجعله من جملة مباني الإسلام التي ذكرها في حديث ابن عمر ; لأنه لم يتمكن من إقامة تلك المباني على تمامها وكمالها ، ولم يظهر دين الإسلام على الأديان كلها إلا بالجهاد ، فكأنه أصل في إقامة الدين والإيمان ، أصل في تصحيح الدين ، فجمع بين الأصلين في الأفضلية. والله تعالى أعلم .

وقد حصل من مجموع هذه الأحاديث : أن الجهاد أفضل من جميع العبادات العملية ، ولا شك في هذا عند تعيينه على كل مكلف [ ص: 713 ] يقدر عليه ، كما كان في أول الإسلام ، وكما قد تعين في هذه الأزمان ; إذ قد استولى على المسلمين أهل الكفر والطغيان ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وأما إذا لم يتعين فحينئذ تكون الصلاة أفضل منه ، على ما جاء في حديث أبي ذر ; إذ سئل عن أفضل الأعمال فقال : (الصلاة على مواقيتها) .

التالي السابق


الخدمات العلمية