المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3445 (14) باب

في الإنكار على الأمراء وبيان خيارهم وشرارهم

[ 1432 ] عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع. قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا.

وفي رواية: "فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم - " وذكر نحوه.

وفي أخرى: "من كره بقلبه وأنكر بقلبه".

رواه أحمد ( 6 \ 395 )، ومسلم (1854) (62 و 63).
[ ص: 64 ] (14) ومن باب: الإنكار على الأمراء وبيان خيارهم

قوله: " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون "؛ أي: يعمل الأمراء أعمالا منها ما تعرفون كونه معروفا، ومنها ما تعرفون كونه منكرا فتنكرونه.

وقوله: " فمن عرف برئ "؛ أي: من عرف المنكر وكرهه بقلبه، بدليل الرواية الأخرى، فتقيد إحداهما بالأخرى؛ يعني: أن من كان كذلك فقد برئ - أي: تبرأ من فعل المنكر ومن فاعله.

وقوله: " ومن أنكر فقد سلم "؛ أي: بقلبه، بدليل تقييده بذلك في الرواية الأخرى، أي اعتقد الإنكار بقلبه وجزم عليه بحيث لو تمكن من إظهار الإنكار لأنكره، ومن كان كذلك فقد سلم من مؤاخذة الله تعالى على الإقرار على المنكر، وهذه المرتبة هي رتبة من لم يقدر على تغيير المنكر لا باللسان ولا باليد، وهي التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: " وذلك أضعف الإيمان "، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.

وقوله: " ولكن من رضي وتابع "؛ أي: من رضي المنكر وتابع عليه هو المؤاخذ والمعاقب عليه وإن لم يفعله.

التالي السابق


الخدمات العلمية