المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2664 (31) باب

الحث على نكاح الأبكار وذوات الدين

[ 1529 ] عن جابر بن عبد الله أن عبد الله هلك، وترك تسع بنات (أو قال: سبع) فتزوجت امرأة ثيبا فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا جابر، تزوجت؟ " قال: قلت: نعم قال: "فبكر أم ثيب؟ " قال: قلت: بل ثيب يا رسول الله، قال: "فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك ! " قال: قلت له: إن عبد الله هلك، وترك تسع بنات - أو سبع -، وإني كرهت أن آتيهن - أو أجيئهن - بمثلهن، فأحببت أن أجيء بامرأة تقوم عليهن، وتصلحهن قال: "فبارك الله لك" أو قال لي: خيرا.

وفي رواية: قال: "فأين أنت من العذارى ولعابها؟ "

رواه البخاري (2097)، ومسلم (715) (55) و (56)، والنسائي ( 6 \ 56 )، وابن ماجه (4860).
(31) ومن باب الحث على نكاح الأبكار

(قول جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ( إن عبد الله هلك ) يعني: والده. وكان استشهد يوم أحد، اختلفت عليه أسياف المسلمين. وهم يظنونه من الكفار. [ ص: 214 ] فكان جابر يقول: أبي ! أبي ! فلم يسمعوه حتى استشهد فتصدق ابنه بدمه على المسلمين.

و ( الثيب ): المرأة التي دخل بها الزوج، وكأنها ثابت إلى غالب أحوال كبار النساء.

و (قوله: فهلا جارية تلاعبها، وتلاعبك ) يدل على تفضيل نكاح الأبكار، كما قال في الحديث الآخر: (فإنهن أطيب أفواها، وأنتق أرحاما).

و ( تلاعبها ): من اللعب، بدليل قوله: ( وتضاحكها ). وفي كتاب أبي عبيد : (تداعبها وتداعبك).

و (قوله في الرواية الأخرى: ( أين أنت من العذارى ولعابها ) - بكسر [ ص: 215 ] اللام هنا لا غير - وهو مصدر لاعب، من الملاعبة. كما يقال: قتالا؛ من: قاتل، يقاتل. وقد رواه أبو ذر من طريق المستملي : (لعابها) - بالضم -؛ يعني به: ريقها عند التقبيل. وفيه بعد. والصواب: الأول.

وهذا الحديث يدل على فضل عقل جابر ؛ فإنه راعى مصلحة صيانة أخواته، وآثرها على حق نفسه، ونيل لذته؛ ولذلك استحسنه منه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ( فبارك الله لك ) وقال له خيرا.

وفيه ما يدل على جواز قصد الرجل من الزوجة القيام له بأمور وبمصالح ليست لازمة لها في الأصل ، ولا يعاب من قصد شيئا من ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية