المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2729 (10) باب

ما جاء أن الحامل إذا وضعت حملها فقد انقضت عدتها

[ 1556 ] عن سليمان بن يسار، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن، وابن عباس اجتمعا عند أبي هريرة وهما يذكران المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليال فقال ابن عباس: عدتها آخر الأجلين، وقال أبو سلمة: قد حلت فجعلا يتنازعان ذلك. فقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي يعني: أبا سلمة فبعثوا كريبا مولى ابن عباس إلى أم سلمة يسألها عن ذلك؟ فجاءهم، فأخبرهم أن أم سلمة قالت: إن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال، وأنها ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تتزوج.

رواه البخاري (5318 و 5319)، ومسلم (1485)، والترمذي (1193)، والنسائي ( 6 \ 191 ).
[ ص: 280 ] (10) ومن باب: ما جاء أن الحامل إذا وضعت فقد انقضت عدتها

(قول ابن عباس : عدتها آخر الأجلين ) يعني: عدة الوفاة، أو الوضع، فلا تحل بالأول منهما، بل بجميعهما. وهذا الذي ذهب إليه ابن عباس روي عن علي ، واختاره سحنون من أصحابنا.

وقال جمهور العلماء من السلف، وأئمة الفتوى: إنها تحل بوضع الحمل وإن لم تنقض عدة الوفاة. وقد روي أن ابن عباس رجع إلى هذا.

والكل متفقون على أنها إذا انقضت لها عدة الوفاة ولم تضع لم تحل حتى تضع. والذي حمل الفريق الأول على ذلك روم الجمع بين قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [البقرة: 234] وبين قوله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [الطلاق: 4] وذلك أنها إذا قعدت أقصى الأجلين فقد عملت بمقتضى الآيتين، وإن اعتدت بوضع الحمل فقد تركت العمل بآية عدة الوفاة. والجمع أولى من الترجيح باتفاق أهل الأصول. وهذا نظر حسن لولا حديث سبيعة هذا؛ فإنه نص في أنها تحل بوضع الحمل، ومبين أن قوله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن... محمول على [ ص: 281 ] عمومه في المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن، وأن عدة الوفاة مختصة بالحامل من الصنفين. ويعتضد هذا بقول ابن مسعود : إن آية سورة النساء القصرى نزلت بعد آية عدة الوفاة. وظاهر كلامه: أنها ناسخة لها. وليس مراده - والله أعلم - وإنما يعني: أنها مخصصة لها؛ فإنها أخرجت منها بعض متناولاتها. وكذلك حديث سبيعة متأخر عن عدة الوفاة؛ لأن قصة سبيعة كانت بعد حجة الوداع، وزوجها هو سعد بن خولة، توفي بمكة حينئذ. وهو الذي رثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة ، والله تعالى أعلم.

وقد تقدم القول في الطهارة على قوله: ( نفست ).

التالي السابق


الخدمات العلمية