المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
2807 (5) باب

النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض أو ينقل

[ 1607 ] عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يستوفيه قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله.

وفي أخرى: من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يكتاله.


رواه أحمد ( 2 \ 111 )، ومسلم (1525) (29 و 31)، وأبو داود (3469)، والنسائي ( 7 \ 286 ). [ 1608 ] ومثله عن أبي هريرة قال طاوس: فقلت لابن عباس: لم؟ فقال: ألا تراهم يتبايعون بالذهب؛ والطعام مرجأ.

رواه مسلم (1525) (31).
(5) ومن باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض

(قوله صلى الله عليه وسلم: ( من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه ) وفي أخرى: (حتى يكتاله). وروى أبو داود من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: نهى [ ص: 376 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع أحد طعاما اشتراه بكيل حتى يستوفيه. وبظاهر هذا الحديث قال مالك . غير أنه ألحق بالشراء جميع المعاوضات، وحمل الطعام على عمومه - ربويا كان أو غير ربوي - في مشهور الروايتين عنه. وروى ابن وهب عنه تخصيصه بما فيه الربا من الأطعمة. ورأي ابن حبيب وسحنون : أنه يتعدى إلى كل ما فيه حق توفية، فحذفا خصوصية الطعام، وكذلك فعل الشافعي ، غير أنه لم يخصه بما فيه حق توفية، بل عداه لكل مشترى. وكذلك فعل أبو حنيفة غير أنه استثنى من ذلك العقار، وما لا ينقل. وقال: يجوز بيع كل شيء قبل قبضه عثمان البتي ، وانفرد به.

فحجة مالك رحمه الله تعالى للمشهور عنه: التمسك بظاهر الحديث، وعضده بما ذكره في "موطئه": من أنه مجمع عليه بالمدينة ، وأنه لا خلاف عندهم في منعه وقصره على ما بيع بكيل، أو وزن من الطعام، تمسكا بدليل خطاب الأحاديث المتقدمة.

ثم اختلف أصحابه: هل هذا المنع شرع غير معلل بالعينة، وإليه أشار مالك في "موطئه"، حيث أدخل هذا الحديث في باب العينة، وهو [ ص: 377 ] الذي عنى ابن عباس حيث قال: (يتبايعون بالذهب، والطعام مرجأ ). وأما الشافعي : فإنما حذف خصوصية الطعام لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من نهيه عن ربح ما لم يضمن ؛ خرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، فهذا اللفظ قد عم الطعام وغيره. ولقول ابن عباس : وأحسب كل شيء مثله .

قلت: ويعتضد مذهب الشافعي بما رواه الدارقطني من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه؛ أنه قال: يا رسول الله ! إني أشتري فما يحل وما يحرم علي؟ قال: (يا ابن أخي ! إذا ابتعت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه). وروى أبو داود من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. ومتمسكات مالك والشافعي تبطل قول عثمان البتي .

التالي السابق


الخدمات العلمية