المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3086 (3) باب

ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم عند موته

[ 1713 ] عن طلحة بن مصرف قال: سألت ابن أبي أوفى: هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا. قلت: فلم كتب، وفي رواية: كيف كتب على المسلمين الوصية؟ أو فلم أمروا بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله.

رواه أحمد ( 4 \ 381 )، والبخاري (2740)، ومسلم (1634) (16 و 17)، والترمذي (2119)، والنسائي ( 8 \ 240 ).
(3) ومن باب: ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم

(قول طلحة لابن أبي أوفى : هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ظاهره: أنه سأله: هل كانت من النبي صلى الله عليه وسلم وصية بشيء من الأشياء؛ لأنه لو أراد شيئا واحدا لعينه، [ ص: 556 ] فلما لم يقيده بقي على إطلاقه. فأجابه بنفي ذلك. فلما سمع طلحة هذا النفي العام قال مستبعدا: كيف كتب على المسلمين الوصية؟ ومعناه: كيف ترك النبي صلى الله عليه وسلم الوصية، والله تعالى قد كتبها على الناس؟ ! وهذا يدل: على أن طلحة ، وابن أبي أوفى كانا يعتقدان الوصية واجبة على كل الناس، وأن ذلك الحكم لم ينسخ. وفيه بعد.

ثم: إن ابن أبي أوفى غفل عما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم وهي وصايا كثيرة؛ فمنها: أنه قال: (لا يقسم ورثتي دينارا ولا درهما) و (لا نورث ما تركنا صدقة) وقال عند موته: (لا يبقين دينان بجزيرة العرب. وأخرجوا المشركين منها. وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم). وآخر ما وصى به (وهو ما يفيض) أن قال: (الصلاة وما ملكت أيمانكم) وهذه كلها وصايا منه ذهل عنها ابن أبي أوفى . وذكر ابن إسحاق : أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى عند موته لجماعة من قبائل العرب بجداد أوساق من تمر سهمه بخيبر . ذكره في "السيرة". ولم يذكر ابن أبي أوفى من جملة ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم إلا كتاب الله، إما ذهولا، وإما اقتصارا [ ص: 557 ] عليه؛ لأنه أعظم وأهم من كل ما وصى به. وأيضا: فإذا استوصى الناس بكتاب الله، فعملوا به قاموا بكل ما أوصى به. والله تعالى أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية