المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
309 (65) باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه في التخفيف عنه

[ 155 ] عن العباس ; قال : قلت : يا رسول الله ! إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك ؟ قال : نعم ، وجدته في غمرات من النار ، فأخرجته إلى ضحضاح .

وفي رواية : لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار.

رواه أحمد ( 1 \ 206 - 210 ) ، والبخاري ( 6208 ) ، ومسلم ( 209 ) .


[ ص: 456 ] (65) ومن باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب في التخفيف عنه

(قوله : " كان يحوطك ") أي : يحفظك . و " ينصرك " : يعينك ، والنصرة . العون ، تقول العرب : أرض منصورة ; أي : معانة على إنباتها بالمطر . وقد كان أبو طالب يمنعه ممن يريد به مكروها ، ويعينه على ما كان بصدده .

و " غمرات " - بالميم - : جمع غمرة ، وهي ما يغطي الإنسان ويغمره ، مأخوذ من الماء الغمر ، وهو الكثير . وقد وقع في بعض النسخ غبرات ، وهو تصحيف ولا معنى للغبرات هنا ، و " الضحضاح " : ما رق من الماء على وجه الأرض ، ومنه قول عمرو في عمر : أنه جانب غمرتها ، ومشى ضحضاحها ، وما ابتلت قدماه ، يعني : لم يتعلق من الدنيا بشيء .

والدرك في مراتب التسفل والنزول ، كالدرج في مراتب العلو والارتفاع ، ويراد به آخر طبق في أسفل النار ، وهو أشد أطباق جهنم عذابا ، ولذلك قال تعالى : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار [ النساء : 145 ] وكان أبو طالب يستحق ذلك ; إذ كان قد علم صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع حالاته ، ولم يخف عليه شيء من أموره من مولده إلى حين اكتهاله ، ولذلك كان يقول لعلي ابنه : اتبعه ، فإنه لا يرشدك إلا إلى خير أو حق أو كما قيل عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية