المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3113 [ 1751 ] وعن أبي هريرة قال: أعتم رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى أهله فوجد الصبية قد ناموا، فأتاه أهله بطعامه فحلف لا يأكل من أجل صبيته، ثم بدا له فأكل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليأتها وليكفر عن يمينه".

وفي أخرى: "فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير".


رواه مسلم (1650) (11 و 14)، والترمذي (1530).
و (قوله: أعتم رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ) أي: تأخر عنده إلى عتمة الليل. وهي شدة ظلمته. ولعله يريد بذلك: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخرها منتظرا للناس، فإنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجل، وإذا رآهم قد أبطئوا أخر؛ يعني: في العشاء الآخرة.

و (قوله صلى الله عليه وسلم: ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير ) هذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم بتقديم الكفارة على الحنث. وهو نص في الرد على أبي حنيفة ، فإن أقل مراتب هذا الأمر أن يكون من باب الإرشاد إلى المصلحة. وأقل مراتب المصلحة أن تكون مباحة. فالكفارة قبل الحنث جائزة مجزية. وقد تضافر على هذا المعنى فعل النبي صلى الله عليه وسلم المتقدم في حديث أبي موسى ، وأمره هذا، وكذلك حديث عدي الآتي بعد هذا.

و (قوله: فليفعل الذي هو خير ) أي: الذي هو أكثر خيرا؛ أي: الذي هو أصلح؛ يعني: من الاستمرار على موجب اليمين، أو ما يخالف ذلك مما يحنث [ ص: 632 ] به. والأصلح تارة يكون من جهة الثواب وكثرته.

التالي السابق


الخدمات العلمية