المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3205 [ 1786 ] وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز بن مالك: أحق ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان. قال: نعم، قال: فشهد أربع شهادات، ثم أمر به فرجم.

رواه أحمد (1 \ 245) ومسلم (1693) وأبو داود (4425) والترمذي (1427) والنسائي في الكبرى (7171).
[ ص: 101 ] و(قوله: فخرجنا به إلى بقيع الغرقد ) الغرقد: شجر من شجر البادية كانت في ذلك الموضع، فنسب إليها، فذهبت تلك الشجر، واتخذ ذلك الموضع مقبرة، وهو الذي عبر عنه في الرواية الأخرى بـ (المصلى) أي: مصلى الجنائز.

و(قوله: له نبيب كنبيب التيس ) [وهو صوت التيس] عند السفاد.

و(قوله: يمنح أحدهم الكثبة) (يمنح): يعطي. و(الكثبة): القليل من اللبن والطعام. والجمع: كثب. وقد كثبته، أكثبه; أي: جمعته.

و(قوله: علي ألا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به ) أي: فعلت به ما ينكله; أي: ما يسوؤه، ويكدره. وأصله من النكل، وهو: القيد. ومنه قوله تعالى: إن لدينا أنكالا [المزمل: 12] أي: قيودا. قاله الأخفش . وقال الكلبي : أغلالا. ويعني به الرجم لمن كان محصنا، أو الجلد لمن لم يحصن.

[ ص: 102 ] و(قوله في صفة ماعز : أعضل) أي: ذو عضلات. والعضلة: كل ما اشتمل من اللحم على عصب، وماعز هذا: هو ابن مالك الأسلمي ، قيل: يكنى: أبا عبد الله لولد كان له.

[وفي الصحابة: ماعز التميمي غير منسوب لأب، ويقال: هو المكنى بأبي عبد الله ] وكان ماعز هذا تحت حجر هزال بن رئاب أبي نعيم الأسلمي ، فوقع على جارية هزال ، فجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: (هلا سترته بردائك؟!)

و(قوله: فلما أذلقته الحجارة) أي: أصابته بحدها، وذلق كل شيء: حده. ومنه لسان ذلق، وفي حديث ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لماعز : (أحق ما بلغني عنك؟) قال: وما بلغك عني؟ قال: (بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان) قال: نعم هذه الرواية مخالفة لما تقدم; لأنها تضمنت أن ماعزا هو الذي بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسؤال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - معرض عنه؟ حتى أقر أربع مرات، وهذا أحد المواضع الثلاثة المضطربة في حديث ماعز .

والثاني: في الحفر له، ففي بعضها: أنه حفر له، وفي بعضها: أنه لم يحفر له، وفي بعضها: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى عليه بعدما رجم، وفي بعضها: لم يصل عليه. وكذلك في الاستغفار له، وكلها في الصحيح - والله تعالى أعلم - بالسقيم من الصحيح.

[ ص: 103 ] وفي حديث ماعز والغامدية ما يدل على: أن التوبة - وإن صحت - لا تسقط حد الزنى، وهو متفق عليه، واختلف فيما عداه من الحدود، فالجمهور على أنها لا تسقط شيئا من الحدود إلا حد الحرابة; فإنه يسقط لقوله تعالى: إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم [المائدة : 34] فتسقط عنه الحدود، ويؤخذ بحقوق الآدميين من الدماء والأموال، وروي عن علي أن التوبة تسقط عنه كل شيء. وروي عن ابن عباس وغيره: أن التوبة لا تسقط عن المحارب حقا ولا حدا، وروي عن الشافعي أن التوبة تسقط حد الخمر.

التالي السابق


الخدمات العلمية