المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3258 (12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

[ 1826 ] عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاء رجل على راحلة له، قال: فجعل يضرب يمينا وشمالا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له. قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رئينا: إنه لا حق لأحد منا في فضل.

رواه أحمد (3 \ 34) ومسلم (1728) وأبو داود (1663).
(12) ومن باب الأمر بالمواساة وجمع الأزواد إذا قلت

(قوله: جاء رجل على راحلته فجعل يضرب يمينا وشمالا ) كذا رواه ابن ماهان بالضاد المعجمة، وبالباء الموحدة من تحتها، من الضرب في الأرض; الذي يراد به الاضطراب والحركة، فكأنه كان يجيء بناقته ويذهب بها فعل المجهود الطالب.

وفي كتاب أبي داود : يضرب راحلته يمينا وشمالا. وقد رواه العذري فقال: يصرف - بالصاد المهملة والفاء -من الصرف، ولم يذكر المصروف [ ص: 202 ] ما هو؟ وقد رواه السمرقندي والصدفي كذلك، وبينوا المصروف، فقالوا: يصرف بصره يمينا وشمالا. يعني: كان يقلب طرفه فيمن يعطيه ما يدفع عنه ضرورته، ولا تباعد بين هذه الروايات; إذ قد صدر من الرجل كل ذلك، ولما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - على تلك الحال أمر كل من كان عنده زيادة على قدر كفايته أن يبذله، ولا يمسكه، وكان ذلك الأمر على جهة الوجوب؛ لعموم الحاجة، وشدة الفاقة; ولذلك قال الصحابي: حتى رئينا: أنه لا حق لأحد منا في فضل; أي: في زيادة على قدر الحاجة.

وهكذا الحكم إلى يوم القيامة; مهما نزلت حاجة، أو مجاعة، في السفر أو في الحضر، وجبت المواساة بما زاد على كفاية تلك الحال، وحرم إمساك الفضل.

و(قوله: حتى رئينا ) هكذا وقعت هذه الرواية بضم الراء وكسر ما بعدها مبنيا لما لم يسم فاعله; أي: أظهر لنا، وفي بعض النسخ: (رأينا) مبنيا للفاعل. وفي بعضها: حتى قلنا، من القول بمعنى الظن، كما قال الشاعر:


متى تقول القلص الرواسما يدنين أم قاسم وقاسما ؟



التالي السابق


الخدمات العلمية