المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3603 [ 1846 ] وعن ابن عباس أن خالد بن الوليد الذي يقال له: سيف الله، أخبره أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - وهي خالته وخالة ابن عباس - فوجد عندها ضبا محنوذا، قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد، فقدمت الضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قلما يقدم يديه لطعام حتى يحدث به، ويسمى له، فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يده إلى الضب، فقالت امرأة من النسوة الحضور: أخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قدمتن له، قلن: هو الضب يا رسول الله، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، فقال خالد بن الوليد: أحرام الضب يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه. قال خالد: فاجتررته فأكلته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فلم ينهني.

رواه البخاري (5537) ومسلم (1945 و 1946) (44) وأبو داود (3794) والنسائي (7 \ 197 و 198) وابن ماجه (3241).
و(قوله: لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه ) أي: أكرهه. يقال: عفت الشيء أعافه [عيفا: إذا كرهته. وعفته أعيفه] عيافة: من الزجر. وعاف الطير [ ص: 232 ] يعيف: إذا حام على الماء ليشرب.

و(قوله: بأرض قومي ) ظاهره: أنه لم يكن موجودا فيها، وقد حكي عن بعض العلماء: أن الضب موجود عندهم بمكة ; غير أنه قليل، وأنهم لا يأكلونه. والله تعالى أعلم.

و(قول خالد : فاجتررته، فأكلته ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر، فلم يمنعني ) هذا تقرير منه - صلى الله عليه وسلم - على جواز أكله، ولو كان حراما لم يقر عليه، ولا أكل على مائدته، ولا بحضرته، فثبت أنه حلال مطلق لعينه، وإنما كرهه لأمور خارجة عن عينه، كما نص عليها فيما ذكرناه آنفا.

التالي السابق


الخدمات العلمية