المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3726 [ 1879 ] وعن عبد الله بن عمرو قال: لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبيذ في الأوعية قالوا: ليس كل الناس يجد سقاء، فأرخص لهم في الجر غير المزفت.

رواه البخاري (5593) ومسلم (2000) وأبو داود (3700).
[ ص: 266 ] وحاصل أحاديث النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية : المنع للذي يخاف من سرعة تغير النبيذ وشربه، ولا يشعر الشارب بتغيره، وتفسد أيضا ماليته. فهو من باب حماية ذرائع السكر، وإفساد المال، فلما تعذرت ظروف الأدم عليهم لقلتها حين قالوا له: ليس كل الناس يجد سقاء، وبأكل الجرذان لها، كما قال في حديث وفد عبد القيس - وشق ذلك عليهم - رفع ذلك عنهم بأن وسع عليهم، وأباح لهم ما كان منعهم منه من تلك الأوعية، ونص على المعنى الذي ينبغي أن يتحرز منه، وهو المسكر، فقال: (نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، وإن ظرفا لا يحل شيئا ولا يحرمه، وكل مسكر حرام) وفي اللفظ الآخر: ( فاشربوا في الأسقية كلها، [ ص: 267 ] ولا تشربوا مسكرا) فثبت النسخ، وارتفع التضييق، والحمد لله.

ومع وضوح هذا النسخ فقد كره مالك الانتباذ في الدباء والمزفت مبالغة في الاتقاء والورع; لأن هذين الوعاءين أمكن في المعنى الذي قررناه، ولحديث عبد الله بن عمرو ، الذي قال فيه : فأرخص لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجر غير المزفت . والله تعالى أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية