المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3743 [ 1885 ] وعن النخعي قال: سأل قوم ابن عباس عن بيع الخمر وشرائها والتجارة فيها، قال: آمسلمون أنتم؟ قالوا: نعم، قال: فإنه لا يصلح بيعها ولا شراؤها ولا التجارة فيها، قال: فسألوه عن النبيذ فقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، ثم رجع وقد نبذ ناس من أصحابه في حناتم ونقير ودباء، فأمر به فأهريق، ثم أمر بسقاء فجعل فيه زبيب وماء، فجعل من الليل فأصبح، فشرب منه يومه ذلك، وليلته المستقبلة، ومن الغد حتى أمسى، فشرب وسقى، فلما أصبح أمر بما بقي فأهريق.

رواه مسلم (2004) (83).
(7 و 8) ومن باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ؟

(قوله: كنا ننبذ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول الليل فيشربه إذا أصبح يومه ذلك، والليلة التي تجيء، والغد، والليلة الأخرى إلى العصر ) هذا الحديث وما في معناه يدل على جواز الانتباذ وشربه حلوا، وعلى أكثر قدر المدة التي يشرب إليها، وهي مقدرة في هذا الحديث بيومين وليلتين، غير أنه جعل غاية اليومين العصر، ثم سقاه الخادم. وفي الرواية الأخرى: ( المساء، ثم أمر به فأريق ).

وظاهر هاتين الروايتين: أنهما مرتان. أما الأولى: فإنه لم يظهر فيه ما يقتضي إراقته وإتلافه، لكن اتقاه [ ص: 272 ] في خاصة نفسه؛ أخذا بغاية الورع، وسقاه الخادم; لأنه حلال جائز، كما قال في أجرة الحجام: (اعلفه ناضحك) يعني: رقيقك. وأما في المرة الأخرى فتبين له فساده فأمر بإراقته، ولا يستبعد أن يفسد النبيذ فيما بين العصر والمغرب في آخر مدته في شدة الحر. وقد ذكر أبو داود من حديث أبي هريرة ما يبين هذا المعنى; وذلك أن أبا هريرة تحين فطر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنبيذ صنعه له، فجاءه به وهو ينش، فقال له: (اضرب بهذا الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر).

التالي السابق


الخدمات العلمية