المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3747 (9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

[ 1888 ] عن سهل بن سعد قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب، فأمر أبا أسيد أن يرسل إليها، فأرسل إليها، فقدمت، فنزلت في أجم بني ساعدة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءها فدخل عليها، فإذا امرأة منكسة رأسها، فلما كلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: أعوذ بالله منك! قال: قد أعذتك مني. فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ فقالت: لا، قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءك ليخطبك، قالت: أنا كنت أشقى من ذلك، قال سهل: فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه، ثم قال: اسقنا يا سهل، قال: فأخرجت لهم هذا القدح، فأسقيتهم فيه.

قال أبو حازم: فأخرج لنا سهل ذلك القدح فشربنا فيه، قال: ثم استوهبه بعد ذلك عمر بن عبد العزيز، فوهبه له.

وفي رواية: اسقنا يا سهل.

رواه البخاري (5637) ومسلم (2007).
(9) [ ص: 275 ] ومن باب استدعاء الشراب من الخادم

(قوله: الأجم بضم الهمزة: الحصن، وجمعه آجام) قاله أبو عبيد ، وكذلك أطم وآطام.

و(قول هذه المرأة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أعوذ بالله منك ) يدل على أنها لم تعرفه، ولم تعرف ما يراد منها؛ ولذلك قالت لما أخبرت بمن هو، وما أريد بها: ( أنا كنت أشقى من ذلك ).

و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: قد أعذتك ) جواب لقولها، وموافقة لها على قصدها. وذلك أنه فهم منها كراهية من قولها ومن حالها; إذا كانت معرضة عمن يكلمها، ولعلها لم تعجبه لا خلقا ولا خلقا.

[ ص: 276 ] و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: اسقنا يا سهل ) دليل على التبسط مع الصديق، واستدعاء ما عنده من طعام أو شراب، وهذا لا خلاف فيه إذا كان الصديق ملاطفا، طيب النفس، وعلم من حاله ذلك، وهذا الذي قاله الله تعالى فيهم: أو صديقكم [النور: 61].

التالي السابق


الخدمات العلمية