المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
348 [ 171 ] وعن أبي هريرة ; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ، ثم لينتثر ، ومن استجمر فليوتر .

رواه أحمد ( 2 \ 242 و 278 ) ، والبخاري ( 162 ) ، ومسلم ( 237 ) ، وأبو داود ( 140 ) ، والنسائي ( 1 \ 66 - 67 ) .


[ ص: 482 ] و (قوله : " ثم لينتثر ") متمسك لأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور على وجوب الاستنشاق في الوضوء والغسل . والجمهور على أن ذلك من السنن فيهما ، متمسكين بأن فروض الوضوء محصورة في آية الوضوء ، بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي : " توضأ كما أمرك الله " . وليس في الآية ذكر الاستنثار ; وبدليل أنه قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اقتصر في وضوئه على الأعضاء الأربعة ، ولم يزد عليها ، وذلك يدل على أن غيرها من الأعضاء ليس فعله بواجب ، وهذه عمدة أصحابنا في حكمهم بحصر فروض الوضوء في ستة ، فإن النية مفهومة من قوله : إذا قمتم [ المائدة : 6 ] ; أي : إذا أردتم القيام ، والماء المطلق من قوله : فلم تجدوا ماء [ المائدة : 6 ] ، ومن تضمن الغسل له ، والأربعة الأعضاء منصوص عليها في الآية ، وما عدا ذلك من أحكام الوضوء مأخوذ من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فمنه : متأكد ، ويسمى : سنة ، وغير متأكد ، ويسمى : فضيلة ، كما هو معروف في كتب أصحابنا .

و (قوله : " من استجمر فليوتر ") الاستجمار : هو التمسح من الغائط بالجمار ، وهي : الأحجار الصغار ، ومنه : الجمار التي يرمى بها في الحج ، وقد نص عليها في حديث سلمان ، وقال أبو الحسن بن القصار : ويجوز أن يقال : [ ص: 483 ] إنه أخذ من الاستجمار بالبخور ; لأنه يزيل الرائحة القبيحة .

وقد اختلف قول مالك وغيره في معنى الاستجمار في هذا الحديث . فقيل ما تقدم ، وقيل : هو البخور ، فيجعل منه ثلاث قطع ، أو يأخذ منه ثلاث مرات ، واحدة بعد أخرى ، والأول أظهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية